لم تَكد تنتهي الانتخابات الاسرائيلية حتى بدأت طبول التهديد بالحرب تقرع بين واشنطن وطهران.
قائدُ الحرس الثوري هدّد بأنّ «لحمَ القوات الأميركية الموجودة في المنطقة تحت أسناننا»، وفي المقابل، وفي أخطر موقف أميركي مستجد، أطلق وزير الخارجية مايك بومبيو، خلال شهادته أمام مجلس الشيوخ الاميركي ثلاثة مواقف – رسائل:
1- «إنّ إيران تمثّلُ تهديداً حقيقياً لمصالح أميركا وأمننا وأمن دول الخليج»،
2- «إنّ إيران احتضنت تنظيم القاعدة الارهابي»،
3- «إنّ خطر التصعيد بين إسرائيل و«حزب الله» حقيقي»، وإنّ «إيران قد تلجأ إلى وضع أنظمة صواريخها داخل لبنان وسيجد الإسرائيليون أنفسهم مضطرين للرد».
هذه الرسائل تؤشّر الى أنّ منطقة الشرق الاوسط مُقبلة على تطوراتٍ دراماتيكية.
اولاً، تتواصل الحرب الاميركية، إقتصادياً ومالياً على إيران، وتتزايد محاولات شلّ القدرات الإيرانية، وفي المقابل لن تتأخّر طهران في الرد مباشرة او عبر وكلائها، على المصالح الاميركية حيث يتسنى لها الرد.
ثانياً، تمارس واشنطن سياسة الضغط على حلفائها العرب لإجبارهم على الإنغماس في «صفقة القرن»، بتغطيتها سياسياً، ودعمها مالياً. وهذا ما يفسّر وقف الدعم الاميركي للتحالف في حرب اليمن، وإعلان الرفض القاطع لأي مسعى سعودي لتصبح قوة نووية.
ثالثاً، تشجعت الولايات المتحدة في المضي قُدماً بصفقة القرن، بعدما لمست ردّ الفعل الضعيف على قرارها بالاعتراف بمنطقة الجولان السورية، أرضاً اسرائيلية.
رابعاً، أبلغت الإدارة الأميركية عدداً من المسؤولين العرب، أنّ خطتها لعقد صفقة القرن ستُعلن يوم 15 ايار المُقبل، يوم النكبة بالنسبة الى الفلسطينيين، ويوم الاستقلال بالنسبة الى إلاسرائيليين.
هذه الخطة قد تغيّر الخريطة السياسية للمنطقة بأسرها، إذا ما نجح الاميركيون في فرضها، بعد محاولاتٍ عدة فاشلة، في عهودٍ مختلفة.
ولكن، عَلامَ يراهن الرئيس دونالد ترامب لإنجاح صفقته؟
اولاً، يعتقد ترامب أنّ الدبلوماسيين لا يجيدون عقد الصفقات، وانّ المنطقة لا تحتاج إلى رجال دولة، وإنما إلى صانعي صفقات، وانّ فريقه من جاريد كوشنر، مستشاره، الى جيسون غرينبلات، مبعوثه للسلام في الشرق الأوسط، وديفيد فريدمان محاميه، يتمتعون بخلفية عقارية، وبالتالي يجيدون عقد الصفقات.
ثانياً، يعتبر فريق ترامب أنّ الدول العربية تغيّرت، دول مثل سوريا والعراق وليبيا غرقت في حروبها ودمائها وفقدت قُدُراتها، وأنّ دولاً اخرى تعبت وسئمت من النزيف الفلسطيني، وانّها أكثر قلقًا من التهديد الإيراني المتنامي في المنطقة، وانّ هناك اليوم علاقات علنية بشكلٍ متزايدٍ بين أعضاء حكومة نتنياهو وزعماء عدد من الدول العربية.
ثالثاً، يريد فريق ترامب من دول عربية معينة، أن تمارس ضغطاً على الرئيس الفلسطيني محمود عباس اذا استمر في رفض التفاوض، وهو يرفض التحدث مع إدارة ترامب منذ أكثر من سنة، بشكل رسمي.
رابعاً، يراهن ترامب على تقديم استثمارات مالية ضخمة إذا قَبلَ الفلسطينيون بالسير في الصفقة، إضافة إلى إمكان إدراج أجزاء من القدس الشرقية كعاصمة فلسطينية في الخطة.
خامساً، ينتظر ترامب أن تقدّم إسرائيل تنازلات مؤلمة لتمرير الصفقة، بموافقة ضمنية من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يتمتع نتنياهو بعلاقات وثيقة واستثنائية معه.
لكنّ العقبات أمام الصفقة ليست سهلة، صحيح انّ هناك وساطة تجري خلف الكواليس بين «حركة حماس» والحكومة الإسرائيلية، بمشاركة مصرية، غير أنّ المشكلة أعمق بكثير. فهل تكون الخيارات العسكرية سلاح المواجهة بين فرض الصفقة وإجهاضها؟