مَن له مصلحة في تعطيل الحكومة وشل دورها والوصول بالبلاد إلى الفراغ؟
مساع للحصول على تعهد بتفعيل أداء مجلس الوزراء وتجنّب استخدام «الفيتو»
يجهد رئيس الحكومة تمام سلام، من خلال الاتصالات والمشاورات التي يجريها مع القوى السياسية، بحثاً عن الوسائل التي يمكن اللجوء إليها لتفعيل عمل الحكومة وتجنيبها المشكلات الداخلية التي أعاقت أداءها وعطلت دورها في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها البلد، بعدما ظهر بوضوح أن هناك معارضة مسيحية قوية لمشروعه بتغيير آلية عمل الحكومة، الأمر الذي ترجم بعدم عقد جلسة الحكومة هذا الأسبوع، بالرغم من وجود تفهم مسيحي واضح لمساعي سلام تنشيط العمل الحكومي وإخراجه من حال المراوحة، بسبب سلاح الفيتو الذي يستخدمه الوزراء الـ24، بحثاً عن صيغة أكثر مرونة في تسريع العجلة الحكومية، خاصة وأن الرئيس سلام لا يرى مجالاً لتزخيم الوضع الحكومي إذا استمر الأداء بهذه الذهنية.
والسؤال الذي يطرح هنا، لماذا الإصرار على اختلاق المشكلات أمام الحكومة وإظهارها بمظهر العاجزة عن القيام بدورها، وبالتالي من له مصلحة في تعطيلها وشل دورها؟
تجيب مصادر وزارية بالقول لـ «اللواء»، إنه ليس لأحد مصلحة في عرقلة عمل الحكومة وشلها، لأنها المؤسسة الدستورية الوحيدة التي لا تزال تعمل، في ظل الفراغ الرئاسي ومحدودية عمل المجلس النيابي، وبالتالي فإن المكونات السياسية الممثلة في هذه الحكومة لا يمكن أن تضحي بها، مهما اشتدت الخلافات بين أعضائها، ومن هنا فإن الخيار الذي سيعتمد بعد تعثر سعي سلام لتغيير الآلية، سيكون من خلال حصول رئيس الحكومة على تعهد من جانب الوزراء ومَن يمثلون بتوفير أقصى ما يمكن من التضامن الوزاري وعدم اللجوء إلى استخدام سلاح الفيتو لإيقاف قرارات مجلس الوزراء، لما لذلك من انعكاسات بالغة السلبية على عمل المجلس ودوره، مشيرة إلى أنه, وبالرغم من عدم دستورية الصيغة المعتمدة في عمل الحكومة الحالية، إلا أنه يمكن حماية هذه الصيغة من خلال تمسك الوزراء بوحدة المسار الحكومي والتزام العمل كفريق واحد، ريثما تتوفر الظروف الملائمة فيما بعد لانتخاب رئيس للجمهورية كي يستقيم عمل المؤسسات الدستورية وتسير سيرها الطبيعي ويخرج البلد من أزمته الحالية التي تسببت بتعطيل عمل مجلس الوزراء بعد الفراغ الرئاسي وعجز مجلس النواب عن القيام بالدور التشريعي المطلوب منه كما يجب.
ولفتت المصادر الوزارية إلى أن المخرج لحالة التخبط الحكومي القائمة محصور فقط في الإسراع في إجراء الانتخابات الرئاسية في أقرب فرصة، كما يؤكد على ذلك الرئيس سلام نفسه في كل جلسة للحكومة، وكما قال اليوم (أمس) لأعضاء مجلس نقابة الصحافة، وهو الموقف الذي يلقى دعماً من كافة الوزراء، باعتبار أنه ولو كان مجلس الوزراء يقوم بممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة، فإن هذه الممارسة ستبقى محط أخذ ورد وعرضة للاهتزاز في أي وقت، طالما أن المطلوب حصول إجماع على القرارات التي تتخذها الحكومة وهذا أمر صعب جداً، لأن أي وزير وساعة يشاء، بإمكانه أن يعطل القرار الحكومي، بمجرد أن يعترض وهذا ما أثار ويثير استياء الرئيس سلام الذي يرى صعوبة بالغة في أن يستمر عمل مجلس الوزراء، إذا استمر العمل وفق هذه الصيغة، ولهذا فهو سيحاول الحصول على دعم القوى السياسية المنضوية في إطار الحكومة لتسهيل عملها والطلب إلى ممثليها التعاون مع رئيس مجلس الوزراء في إطار التضامن الوزاري المطلوب، حرصاً على مصلحة البلد واللبنانيين ومنعاً لوصول الأمور في المستقبل إلى الحائط المسدود، حيث سيخسر الجميع ولن يخرج أحد منتصراً، باعتبار أن لا رابح إذا ما تسببت الخلافات بتفكك الحكومة وتفجرها، ولذلك كانت مطالبته باللجوء إلى الدستور، لأنه المخرج من الأزمة التي يعيشها البلد.
وتشير المصادر إلى أن الاجتماع الذي سيعقد في دارة رئيس «حزب الكتائب» أمين الجميل في الساعات المقبلة ويحضره وزراء مسيحيون، سيؤكد على أن الأولوية المطلقة تنحصر في السعي لانتخاب رئيس للجمهورية، بموازاة التقدير لدور الرئيس سلام في تفعيل الأداء الحكومي، حيث سيناشد الاجتماع كل الوزراء، التحلي بالمسؤولية الوطنية اللازمة في مثل هذه الظروف، من أجل رفع مستوى إنتاجية الحكومة لتتمكن من مواجهة الظروف الصعبة والدقيقة التي يمر بها لبنان، بأقل الخسائر الممكنة.
كذلك الأمر فإن رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري, وبحسب ما نقل عنه زواره، يرى أن الآلية المعتمدة في عمل الحكومة لا تساعدها على القيام بدورها كما هو مطلوب في ظل هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها لبنان حالياً، وهذا ما يفرض على الجميع البحث عن صيغة توافقية بديلة، أو الالتزام بالتضامن الوزاري ليستعيد العمل الحكومي زخمه ونشاطه.