IMLebanon

من يملك مفتاح القفص الذهبي؟

السؤال الاول الذي تبادر الى اذهان المسيحيين خصوصاً واللبنانيين عموما لدى مشاهدة الدكتور سمير جعجع عند العماد ميشال عون في الرابية هو «من يملك مفتاح القفص الذهبي» الذي اعلن العماد عون انه والدكتور جعجع يحتجزان فيه القضيتين الرئيسيتين على الساحة السياسية وهي رئاسة الجمهورية الشاغرة منذ عام والتعيينات العسكرية التي تهدد استمرار حكومة المصلحة الوطنية. ولم يقتصر التساؤل فقط على الشارع اللبناني الذي فوجىء بالزيارة، ولو أتت بعد خمسة اشهر من الحوار، بل كذلك اعتبرت اوساط نيابية وسطية عن دهشتها للتوقيت كما للمضمون الذي برز من خلال تصاريح الزعيمين لاحقاً، وذلك بموازاة «اعلان النيات» المشترك الذي بات معلوما منذ اسابيع. وقالت هذه الاوساط، التي لم تخف تحفظها على الحوار العوني – القواتي، ان اللقاء لم يتطرق الى القضايا المطروحة باستثناء قضية التشريع النيابي ومبادرة العماد عون الاخيرة، علما ان الاولوية لدى كل القوى السياسية هي في مكان آخر، اولاً في عرسال وجرودها وثانياً في رئاسة الجمهورية المعطلة وثالثاً في الازمة الحكومية المرتقبة نتيجة رفض العماد عون اقتراح رئيس الحكومة تمام سلام وغالبية المكونات السياسية التمديد للقيادات الامنية وفي مقدمها قائد الجيش العماد جان قهوجي.

ولم يعد الهاجس الامني المتربص بمنطقة عرسال مسألة خلافية ثانوية بل بات تطورا خطيرا يهدد البلاد كلها ولكن لم يجر التطرق اليه في المحادثات التي جرت في الرابية، كما كشفت الاوساط نفسها والتي اعتبرت ان اغفال مثل هذه القضية التي يشكل الحليف الاساس للعماد عون طرفا اولا فيها من خلال التعبئة الشعبية المتمثلة بـ«لواء العشائر» المذهبية، هو بمثابة تجاهل برميل بارود قد وضع في منطقة مختلطة هي القرى الحدودية وليس فقط في عرسال، كون انطلاق مثل هذه التعبئة سيؤدي الى تعبئة مضادة لن تقتصر على لون مذهبي واحد بل قد تطال المسيحيين الذين ابدوا استعدادهم ايضا للدفاع عن ارضهم وشرفهم ضد الارهابيين كما ضد اي خطر محتمل.

ووجدت المصادر النيابية الوسطية، ان لقاء العماد عون والدكتور جعجع قد شكل منعطفا حاسما بالنسبة للرجلين اللذين كانا حتى مساء الثلاثاء الماضي، يسيران بشكل متواز من دون ان تظهر اي احتمالات للقائهما عند اي نقطة حاسمة. وتوقعت بالتالي ان تكون المرحلة المقبلة بمثابة الاختبار لهما تتحدد فيها قدرتهما على «المساكنة» والتوافق حول الروزنامة الداخلية بالدرجة الاولى والروزنامة الاقليمية ثانيا، والتي يبرز فيها الملف السوري بشكل خاصتكما العلاقة بين العماد عون وقوى 8 آذار مع ايران وذلك لجهة الدور الايراني الاساسي في استحقاق رئاسة الجمهورية.

وانطلاقا من هذا الواقع، سألت المصادر نفسها عن جدوى الحوار الذي استمر اشهرا بين معراب والرابية كما نتيجة اللقاء في ظل الظروف الاقليمية الراهنة حيث بات النظام السوري مهددا بفعل تمدد تنظيم «داعش» في سوريا وتغييره لموازين القوى العسكرية في اكثر من منطقة. واعتبرت ان الحوار بين «المستقبل» و«حزب الله» لم يؤد الى اي نتائج عملية على صعيد تخفيف الاحتقان المذهبي، والدليل على فشله هو الحالة التصعيدية المذهبية في عرسال والجوار.

وأكدت ان حوار عون – جعجع سيلاقي المصير نفسه وان لم يتم ذلك اليوم، موضحة ان السير في تسوية سياسية شاملة يحتاجها لبنان هو قرار غير متاح، على الاقل لدى طرف من الاثنين، وبالتالي فإن عبارة «القفص الذهبي» هي التوصيف الصحيح والملائم الذي اطلقه العماد عون على القضايا الخلافية الاساسية، لكنه لم يعلن عن الجهة التي تمتلك مفتاح القفص اي الجهة المخولة اجراء التسوية السياسية التي ستحقق المصالحة الحقيقية بين الرجلين وبين كل القوى السياسية.