Site icon IMLebanon

مَن يزعجه اتفاق آستانة

 

لم تكن إيران مرتاحة لنتائج اجتماع آستانة (كازاخستان) مثلها مثل ممثلي النظام السوري. في المقابل، بدت روسيا ومعها تركيا أكثر انسجاما في ارتياحهما لتلك النتائج.

 

 

انتهت محادثات الجولة الأخيرة لمنظومة آستانة (1-2 آب أغسطس) ببيان ختامي يعرب فيه الرعاة الثلاثة: روسيا وتركيا وإيران، عن رضاهم على ما تم تحقيقه من تقدم في تحديد قوام اللجنة الدستورية السورية ونظام عملها، وأكدوا استعدادهم للمساعدة في انعقاد هذه اللجنة في أسرع وقت.

 

على أن الأهم في البيان، حرصه على صوغ توازنات ترضي الجانب التركي ومعه الروسي ولا تريح الإيرانيين ومعهم النظام. وجاء في النص أن “الدول الثلاث تأسف لسقوط ضحايا بين المدنيين في أدلب، واتفقت على اتخاذ إجراءات عملية من أجل حماية المدنيين، وكذلك العسكريين، التابعين للدول الضامنة والمتواجدين داخل منطقة وقف التصعيد وخارجها في أدلب”. وإذ أبدت الدول الثلاث تمسكها بمحاربة “النصرة” و”داعش”، رفضت أي محاولات لخلق حقائق جديدة على الأرض في المنطقة التي يسيطر عليها الأكراد بدعم أميركي.

 

الأسف لسقوط الضحايا ليس من شيم الإيرانيين والنظام السوري، فهما من توليا شن الهجمات على منطقة أدلب طوال الشهور الأخيرة، واتُهم الروس أيضا في مجزرة معرة النعمان أخيراً. أدت هذه الهجمات الى سقوط أكثر من 500 قتيل بين المدنيين والى تهجير ما يزيد عن نصف مليون مواطن، وضغطت على الوجود العسكري التركي في المنطقة، وزادت الأعباء التي تتحملها تركيا نتيجة النزوح السوري الكثيف إليها. بهذا المعنى بدا البيان وكأنه مفروض على الإيرانيين الذين وجدوا أنفسهم خارج اتفاقيات وقف التصعيد في المناطق السورية. ففي الشمال الشرقي، يحاولون إثبات حضورهم وراء النظام، وفي الجنوب قضى وقف التصعيد بأبعادهم من إسرائيل وسمح للإسرائيليين بمطاردة تحركاتهم كما حصل خلال اجتماع آستانة ذاته، عندما استهدفت إسرائيل موقعا قيل إنه يأوي ميليشيات إيرانية في الجنوب السوري. لا علاقة لإيران رسمياً بمنطقة أدلب، فالاتفاق في شأنها تم بين الرئيسين بوتين وأردوغان في أيلول (سبتمبر) الماضي، تحت مظلة آستانة، لكنه عملياً عبار عن اتفاق ثنائي يرتبط تنفيذه باتفاق الطرفين تحديداً، وبمدى تقدم المحادثات الأميركية التركية في شأن المنطقة الآمنة في الشمال.

 

أسفر اجتماع العاصمة الكازاخية عن اتفاق لوقف النار. وبدا يوم الجمعة هادئاً على الجبهات، وهو ما أزعج الايرانيين وممثلي النظام، فهم يعتبرون أن تركيا خرجت محصنة من جولتي القتال والتفاوض، وفتحت أمامها أبواب جديدة للعب دور أكبر بدعم روسي وأميركي، بشهادة ضيفين جديدين على المنظومة الثلاثية هما: لبنان والعراق اللذان حضرا بصفة “شاهد شاف كل حاجة “.