IMLebanon

من المسؤول؟

بعد ثلاثة أسابيع على مبادرة زعيم تيّار المستقبل الرئيس سعد الحريري بترشيح النائب سليمان فرنجية أحد أركان تحالف الثامن من آذار وعضو تكتل التغيير والإصلاح الذي يتزعمه النائب ميشال عون، والصديق الشخصي لرئيس النظام السوري بشار الأسد والحريص على هذه الصداقة، إذا بها تتعثر، وتعود الأزمة الرئاسية إلى المربع الأول، وربما إلى نقطة الصفر فمن المسؤول عن ذلك، هل هم حلفاء صاحب المبادرة في قوى الرابع عشر من آذار، وتحديداً القوات اللبنانية والكتائب، أم حلفاء نائب زغرتا في قوى الثامن من آذار وتحديداً حزب الله، أم أن هناك ظروفاً إقليمية ودولية فرضت نفسها على هذا الملف بعدما تغيرت المفاوضات الجارية في شأن ملفات المنطقة، وتحديداً الملف السوري.

ليس خافياً أن القوات اللبنانية والكتائب ومعهما أكثرية مكونات الرابع عشر من آذار لم تكن راضية عن مبادرة الحليف زعيم تيّار المستقبل وقد عبرت عن ذلك بشكل واضح ومن دون مواربة، لكنها لم تعلن صراحة رفضها لها، بك تركت كل الأبواب مفتوحة مع صاحب المبادرة وحتى مع مرشحه الجدي نائب زغرتا، للبحث في البرنامج كونه هو الأساس لأي تسوية، وليس الشخص عبر ذاته وحتى الساعة لم تحصل منه على أي جواب سوى إعادة التأكيد على إلتزامه بسياسته المعلنة، وعلى تحالفاته المعروفة من الثامن من آذار إلى بشار الأسد، وذهابه بعيداً في ذلك بزيارته مؤخراً إلى دمشق ومناقشة معه موضوع ترشيحه لرئاسة الجمهورية من قبل زعيم تيار المستقبل سعد الحريري، وطلب النصيحة، وفق ما سربت مصادر الأسد إلى عدد من وسائل الاعلام اللبنانية المتعاطفة أو المرتبطة بالنظام السوري، ما يكفي المعترضين من قوى 14 آذار للانتقال من التحفظ على المبادرة إلى رفضها، وما يكفي أيضاً صاحبها إلى أن يُعيد النظر في الأسباب التي حملته على اطلاقها، حتى ولو بقي التناغم الإقليمي والدولي مع المبادرة، ولم تصطدم الاتصالات والمساعي الدولية الجارية على قدم وساق منذ التدخل العسكري الروسي في سوريا لترتيب الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط الملتهبة من اليمن إلى ليبيا والعراق وصولاً إلى سوريا التي يُشـكل حل أزمتها المفتاح الرئيسي لحل باقي أزمات المنطقة.

ومع الأخذ بعين الاعتبار كل هذه التطورات التي تصب جميعها عكس المبادرة ترشيح فرنجية التي انطلقت من أحد مكونات 14 آذار الأساسيين فإن قوى 14 آذار لا تتحمل مسؤولية تعثر أو اخفاق المبادرة والذي يتحملها هو فريق النائب فرنجية نفسه وتحديداً حزب الله الذي يرفض الاعتراف بالمبادرة بل يضع العصي في طريق حليفه الذي تلاقت كل مقومات وظروف انتخابه رئيساً، محلياً وخارجياً وهو شأن تعثر على سائر المرشحين الآخرين، بينما كان يفترض به المسارعة إلى تأييده وتذليل كل ما من شأنه أن يعوق وصوله إلى رئاسة الجمهورية بدلاً من التمترس حلف ترشح العماد عون وعدم بذل أي جهد ولعب أي دور لإقناعه بالتنحي لمصلحة الحليف الزغرتاوي الأقرب إلى الحزب ليس في النهج والممارسة فحسب وإنما في المبادئ والخط السياسي، وكأنه يُخفي نية مبطنة لعدم رغبته بانتخاب رئيس ما دامت ظروف الفراغ في المؤسسات الدستورية وسياسة التعطيل تناسبه في ظل عدم وضوح التحولات في الإقليم الذي يعتبر نفسه لاعباً فيها.

في أي حال، المبادرة الرئاسية عادت وتعثرت وأصبحت كما قال البطريرك بشار الراعي بحاجة إلى عصا سحرية أو إلى أعجوبة إلهية.