Site icon IMLebanon

مَن المسؤول؟!

 

أزمة الكهرباء التي استجدت في الأيام العشرة الماضية ليست الأولى من نوعها. ونأمل أن تكون الأخيرة، أو ترانا نغرق في التفاؤل؟!

 

لقد «بشرتنا» مؤسسة كهرباء لبنان بأن التيار سيعود الى وضعه «الطبيعي» ابتداءً من يوم بعد غد الخميس. والمقصود بــ»الطبيعي» ليس العودة الى ما كنا عليه في «سالف الزمان» أي 24 ساعة على 24، وإنما الى برنامج التقنين الذي كان معمولاً به قبل الأزمة الأخيرة المفتعلة التي لا نرى لها مبرراً على الإطلاق. ومهما كانت التبريرات فإنها لا تبرر ما عاناه اللبنانيون في هذه الأيام الصعبة. ومهما كانت الاجتهادات فهي عاجزة عن إقناع الرأي العام.

 

إن هذا الكباش بين وزارة المال والموازنة ووزارة المياه والطاقة ليس له أي مردود سوى زيادة «تعتير» اللبنانيين ومضاعفة الخسائر، وتراكم هذه الخسائر على مالية الدولة وعلى الاقتصاد الوطني عموماً، ولكأن هناك من يريد أن يقدم لمافيات المولدات خدمة كنا نتمناها أن تكون مجانية إلاّ أنها ليست كذلك على الإطلاق، فثمنها باهظ جداً في كل حال.

 

ومعلوم أنّ قرار وقف تحويل الاعتمادات (مخصصات الفيول) ينتهي كل مرّة بالإفراج عن هذه الاعتمادات ولكن بعدما يعاني الناس المزيد من القهر والعذاب والعتمة والخسائر المادية أيضاً.

 

نحن لا نملك أن ندين أو نبرئ ولسنا في موقع من يُصدر الأحكام على أي طرف أو جهة أو مؤسسة أو وزارة… ولكننا لا نملك في المقابل، أن نتجاهل وجع الناس جراء هذا الصراع الذي آن له أن يتوقف، خصوصاً في الأجواء الإيجابية التي شهدها البلد بعد تشكيل الحكومة.

 

أضف إلى ذلك فإنّ قرارات مجلس الوزراء يجب أن ينفذها الوزراء المعنيون، أياً كانوا، والى أي جهة أو كتلة أو حزب انتموا، بمن فيهم الوزراء الذين عارضوا تلك القرارات أو تحفظوا عنها. وهذا أضعف إيمان العمل الحكومي. ولسنا مضطرين أن نرجع الى العالم الدستوري «ڤيدال» الذي يقول بذلك لأن المنطق يقول به أيضاً.

 

يبقى أننا نقول إن على الوزراء أن يدركوا أنهم «موظفون» عند الناس… ويذهب وزراء في دول من العالم الأول الى حدّ القول أنهم «خدام» عند مواطنيهم. ونحن لا نطالب السادة وزراءنا بأن يقفوا إثر هفواتهم الكبيرة ليتقدموا بالاعتذار من الشعب، ومن باب أولى أننا لا نطالب الواحد منهم أن يتمثل بــ«نِدِّّهِ» الياباني الذي يبلغ به الاعتذار حدّ الانحناء أو السجود أمام المواطنين، وكذلك حدّ الاستقالة! فقط نطالبهم بألاّ يدخلوا الحساسيات الشخصية والخلافات الحزبية في مجال العمل العام الذي يُفترض أنه يسمو على ما سواه. أجل لا نقول بالتشبه باليابان وسواها من الدول التي تحترم شعوبها، لأن بيننا وبينها أشواطاً بعيدة بل سنوات ضوئية أقله في فهم «وظيفة» المسؤول، وفي طريقة تعامله مع مقتضيات وظيفته، ومع الناس!