يعيش الوضع اللبناني الهش والممسوك بصعوبة حتى الساعة، بإجماع دولي – اقليمي عابر للخلافات، رغم تحذيرات الموفدين الدوليين الى لبنان، من بلامبلي الى دي ميستورا ولارسن وصولا الى فيلتمان «المنتظر» الخبير بالشأن اللبناني، تخبطا شديدا، حيث يسعى الجيش وبحسب مصادر وزارية بما أوتي من قوة، الى إبقاء الوضع الأمني تحت السيطرة بدءا من عرسال وجرودها، وصولا الى طرابلس وعكار دون اغفال شبعا ومزارعها، وسط تسويق إعلامي مبرمج من قبل الارهابيين لعمليات انشقاق متلفزة لعناصره.
وفي إنتظار تبلور نتائج هذا الحراك يبقى هم العسكريين الاسرى، الفتيل الاكثر قابلية للاشتعال، تقول المصادر، في ضوء التعقيدات التي تسود هذا الملف من الإرباك الرسمي الى الضغط المتواصل في الشارع، مستحوذا على حيز أساسي من نقاشات مجلس الوزراء، تزامنا مع مواصلة الأهالي تحركهم المضبوط حتى الساعة في ظل تعويلهم على إيجابية ما، تلقفوا احدى جرعاتها المهدئة من اللواء خير، الذي وضعهم في جو اتصالات حقيقية وواعدة، تستند الى حقيقة أن التفاوض يسير على السكة الصحيحة، وأن لا صحة للمعلومات التي تتحدث عن إنتكاسات وإنقطاع لقنوات التواصل، أو عودة الى الوراء، ما من شأنه أن يوصل قضية أبنائهم الى خواتيم سعيدة، مؤجلة لاشهر.
فمرة جديدة، تضيف المصادر، تجاوز مجلس الوزراء التباينات حيال كيفية مقاربة قضية العسكريين، في ظل تأكيد المصادر على ان شيئاً ما يجري على خط المفاوضات مع تجميد الجانب القطري حاليا مبادرته، حيث تقتصر قناة التفاوض على اللبنانيين حاليا، لاسباب ثلاثة : الاول، انتظار ما ستفضي اليه المفاوضات السرية التي بدأتها منذ فترة مجموعة من مشايخ «هيئة العلماء المسلمين» بالتعاون مع مشايخ سوريين سبق ان توسطوا مع الخاطفين مع بداية الازمة، والتي احدثت خرقا مهما ينتظر ان تتظهر بعض ايجابياته خلال الساعات او الايام القادمة، والثاني، تفادي التجاذبات والتداعيات التي لها علاقة بالحرب المعلنة على تنظيم «الدولة الاسلامية» والتي تشارك فيها دول عربية خليجية أيضا، اما الثالث فمرده ممارسة الدوحة ضغطا غير مباشر على بيروت. ولفتت المصادر الى أن جولات المفاوضات الاخيرة يشارك فيها بشكل أو بآخر، من مكان توقيفه في وزارة الدفاع عماد جمعة، فيما ابدى موقوفون في رومية استعدادهم بدورهم للتدخل مع «داعش»، كاشفة ان الموفد القطري السوري أحمد الخطيب، دفع مئة الف دولار كفدية مقابل اطلاق سراح المعاون الأول كمال الحجيري.
واكدت المصادر ان الاتصالات تجري وسط قدر كبير من السرية والكتمان تجنباً لأخطاء حصلت سابقاً وأدت الى مضاعفات سلبية او الى تجميد المفاوضات، مشددة على ان الآلية المتبعة حالياً في إدارة عملية التفاوض اختلفت تماماً عن المراحل السابقة، ما عزز الآمال في إمكان الوصول الى نتائج ايجابية ولو على مراحل، مع دخول الاتصالات في التفاصيل والشروط والمطالب التي يطرحها الخاطفون من جهة واستعداد الجانب اللبناني للخوض فيها والأخذ والردّ من جهة اخرى، في ظل معادلة جديدة تقوم على ان باب المقايضة يتوقف على تطور المفاوضات والمطالب الواضحة وإمكانات الأخذ والردّ في شأنها.
وحول تفاصيل «تعثر» الوساطة القطرية، تروي المصادر ان الجانب القطري اضاف الى احدى اللوائح التي تضمنت اسماء اشخاص مطلوب الافراج عنهم، اسم سيدة قطرية موقوفة في سوريا، تسبب في السابق ادراج اسمها على لوائح المطلوب اطلاقهم في تأخير الافراج عن راهبات معلولا، تم اعتقالها بعد عبورها الحدود اللبنانية – السورية وبحوزتها مبلغ كبير من المال نتيجة التنسيق بين جهازين امنيين في البلدين، وبحسب المعلومات فان السيدة كانت على علاقة بخلية اثار توقيفها جدلا كبيرا في الشارع اللبناني لارتباط افرادها بعلاقات مع وزراء قطريين ولبنانيين بارزين. وفي هذا الاطار علم ان اتصالات تجري حاليا بعيدا عن الاضواء عبر احدى القنوات غير الرسمية بين بيروت ودمشق لتسهيل اطلاق تلك السيدة.
واكدت المصادر ان سياسة لبنان في دائرة تمديد المراوحة، وأمنه في دائرة الترقب. على هذا النحو تبدو المعادلة في ظل الجمود المحلي المترافق إقليميا مع مضي توتيرات ميدانية على وقع الصراعات السياسية المحتدمة بين القوى الفاعلة، حيث تتراكم المؤشرات الخطيرة مدللة على مرحلة الاستهدافات الارهابية للمؤسسة العسكرية في حربها المفتوحة على رموزه ومتفرعاته منذ ما قبل حوادث عرسال، على وقع ثبات الجيش وقراره الحاسم بمنع تمدد الارهاب الى الداخل.