Site icon IMLebanon

من يُخطِّط لإنهيار «النظام» في لبنان؟

لا يختلف إثنان على أن الوضع الإقليمي الحالي هو الأسوأ منذ عقود، إذ إن الحروب تلفّ دول المنطقة، وحمّامات الدم تسيل أنهاراً، والدمار يحلّ محل التنمية، والكراهية تجثو على الصدور، فترى العربي يُقاتل العربي، والمُسلم يقتل المُسلم حتى في أثناء تأديته الصلاة.

والأخطر في كل هذا المشهد القاتم، هو انهيار الشرق الأوسط في سرعة قياسية، وتعرّض «نظام الدولة» ونسيجها الحديث إلى الإنتهاك والإهتراء في كثير من بلدان المنطقة، في مقابل طغيان المصالح والحسابات الفئوية والدينية والمذهبية والعشائرية، على الولاء للوطن.

ليبيا تحوّلت الى دولة فاشلة بعدما سقط نظامها ودخل أبناؤها في حروب قبلية عبثية تطيح ثروات البلاد والعباد. واليمن إنهار نظام الدولة فيها، بإنقلاب الحوثيّين وحليفهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح، على السلطة الشرعية مدعومين من إيران، ما أشعل الحرب فيها وعليها، وزادها دماراً وفوضى وفقراً.

أما العراق، فقد أصبح مُشرزماً ومُهدّداً بالتقسيم والتفتيت الى ثلاث دويلات، شيعيّة وسنّية وكرديّة. كما انتهت سوريا التي عرفها العالم في حدودها الجفرافية والسياسية الحديثة، لتتشرذم بدورها الى ثلاث مقاطعات، يتقاسم السيطرة عليها النظام العلوي، والمسلحون السنّة و»داعش»، والأكراد، فيما لا يزالون يتناحرون على إمكان توسيع حدود إنتشار كلٍّ منهم.

أمّا في لبنان، فلا يتنبّه كثيرون الى أن «نظام الدولة» ونسيجها الحديث يتهاوى شيئاً فشيئاً أيضاً، عن قصد أو غير قصد، وإن بلا حروب داخلية وإقتتال وتدمير، ولا فوضى عسكرية وأمنية، بل بفوضى سياسية تراكمية تتمثل بحجب رأس السلطة ومنع إنتخاب رئيس للجمهورية تحت ذرائع وحجج غير دستورية، بعد الإمتناع عن إجراء الإنتخابات النيابية بحجج الأمن، ثم تعطيل العمل التشريعي ربطاً بالشغور الرئاسي، ناهيك عن بِدَع آليّات العمل الحكومي، والعجز في ملء الشواغر والمفاصل الحيوية في مختلف دوائر الدولة وعلى أعلى المستويات، إضافة الى «تعدّدية» السلاح و«الأجنحة العسكرية» العشائرية المستجدّة، حتى أن البعض يلوّح بانتهاء صلاحية إتفاق الطائف والحاجة الى مؤتمر تأسيسي جديد، ما يعني اعتبار هذا البعض أن النظام فشل، وبالتالي لا بد من البحث في نظام بديل.

لا يمكن فصل ما يجري في لبنان عمّا يدور من حوله في سوريا والعراق، وحتى اليمن. و«حزب الله» أساساً يلعب أدواراً عسكرية وأمنية وإعلامية في كل من هذه البلدان، ولا يرى فائدة ومصلحة في الحياد والنأي بالنفس، وبالتالي من البديهي أن تكون هناك مفاعيل وتداعيات لا يمكن الجزم والتكهن بإيجابيّاتها أو سلبيّاتها قبل انتهاء المعارك وجلاء غبارها، وربما قبل إعادة رسم خرائط المنطقة ودويلاتها المتناحرة ضمن كانتونات عرقية ومذهبية.

إن الإلتهاء بكسب منصب هنا وخطف مركز هناك، لن يُحقق مصلحة أحد من اللبنانيين. والسؤال الملح، هل هناك من يُخطّط لإنهيار «نظام الدولة» في لبنان، ولمصلحة مَن؟