النتيجة العملية الوحيدة للاستمرار في الحفر هي توسيع الهوّة وتعميقها. وهذا ما حدث فعلا اليوم، وكانت الاشارات التي تنذر بوقوعه تتجمع وتتكثف في الأجواء، وتشي بقرب هبوب العاصفة فجأة، وكان الجميع يتخوّف من آثارها الكارثية. القلوب الملآنة في لبنان لا تعدّ بالمفرد والمثنى فقط، وهي قد تقاس بعدد القيادات السياسية في البلد. غير أن ما انفجر اليوم هو الأخطر أثرا لأنه يحتل المرتبتين الأولى والثانية في سلّم المراتب. ومجرد حدوث مثل هذا الانفجار يؤكد وجود حالة غير سوية في الوطن… فمن المسؤول عن تداركها، ومنع تفاقمها وتجنّب كوارثها؟ محبّو التعميم الذين يرغبون في عدم تسمية الأشياء بأسمائها، غالبا ما يجيبون عن السؤال بالتعميم، والقول الكل مسؤول. قد يصحّ ذلك نظريا، أما عمليا، فان المسؤول واقعيا وعمليا عن تدارك المخاطر، هو من يتحمّل مسؤولية القيادة…
***
هذا الواقع يطرح أسئلة عديدة بل وكثيرة، منها:
هل ان من يتحمّل مسؤولية القيادة كان فعلا على مسافة واحدة من الجميع؟ وهل كان فعلا حكما بين مختلف المكونات؟ أم أنه كان حياديا في الظاهر فقط، ومنحازا الى طرف بذاته ضمنا؟!
هل من المصلحة الوطنية تقديم المزاج الشخصي في التعامل مع الآخرين، وعدم السيطرة على الذات، بدلا من تحكيم العقل أولا وأخيرا، لضمان النجاح في مهمته؟
هل صحيح ان المسيحيين في لبنان يتعرّضون لما يتعرّض له الأقباط في مصر؟ أليس في ذلك القول تجنّيا وظلما بل واهانة لكل تلك المنظومة من المكونات الوطنية من بقية ألوان الطيف اللبناني التي تعاملت مع المكوّن المسيحي كرمش العين ونبض القلب؟!
هل يحق لقيادة نادت بالميثاقية والوحدة الوطنية طوال عقود من نضالها السياسي، أن تتمسّك اليوم بنقل بضعة مقاعد مسيحية قليلة من مناطق اسلامية، بكل ما يوحي به ذلك من فرز طائفي بشع، وكأننا نعيش في لبنانين بدلا من لبنان الواحد؟
هل يجوز لحزب اختار اللبنانيون من صفوفه قائدا لهم، أن يتحوّل الى حزب حاكم في بلد متعدّد وديموقراطي مثل لبنان؟
أخيرا، كيف يجوز لجهة تمّ ترشيحها لتولي مسؤولية القيادة وتولتها فعلا، أن تستمر في التصرّف على أنها مستمرة في برنامج الترشيح، بهدف ايصال غيرها الى هذا الموقع ويكون امتدادا لها؟!