IMLebanon

مَن المسؤول عن إهمال تقارير هيئات الرقابة وقد كشفت قبل سنوات ما يُكشف اليوم؟

بالعودة الى تقارير هيئات الرقابة تبين أن الفضائح التي كشفها وزراء حاليون ورد ذكرها في هذه التقارير، لكن بعض من سبقوهم لم يقرأوها، ومن قرأها لم يهتم لمضمونها فبقيت في الادراج… فمن المسؤول ومن يحاسب من؟! ففي تقرير للتفتيش المركزي رفعه الى المراجع المختصة رئيسه القاضي جورج عواد والعضوان رضا سعادة وصلاح الدنف جاء الآتي:

1 – اعادة النظر بالقرار رقم 248 تاريخ 21/ 6/ 2006 بجميع مفاعيله.

2 – وضع شروط صحية موحدة لجميع النقاط الحدودية، وملء المراكز الشاغرة فيها.

3 – عدم اخضاع المأكولات والمعلبات التي تحمل علامتي “iso” و”Haccp” للفحوص المخبرية.

4 – توصية وزارة الاشغال (المديرية العامة للطيران المدني) بالعمل على انشاء برادات لحفظ الأطعمة الطازجة والمبردة في مطار بيروت الدولي ضمن المقاييس والشروط الصحية اللازمة بعدما تبين أنه تمّ إدخال لحوم مبردة من دولة جنوب افريقيا من دون اجراء الفحوص المخبرية اللازمة على عيّنات منها قبل إدخالها، وان الاجراءات الصحية المتعلقة بالفحوص المخبرية غير موحدة في مختلف النقاط الحدودية، إذ أن اجراء تلك الفحوص يتم بصورة الزامية في مرفأ بيروت خلافاً لما يجري في مراكز حدودية أخرى كالمطار والمصنع والعبودية لجهة عدم الزامية اجراء تلك الفحوص، ما يقتضي معه العمل على وضع شروط صحية موحدة يتم اعتمادها في جميع النقاط الحدودية بعد ملء المراكز الشاغرة فيها. وتبين من الزيارة الميدانية التي قام بها المحقق المختص الى مطار بيروت الدولي عدم صلاحية البرادات الموجودة في حرم المطار لحفظ اللحوم والاسماك والأطعمة الطازجة بالكامل، ما يستدعي انشاء مثل تلك البرادات ضمن المقاييس والشروط الصحية اللازمة.

وشكَّل ما تضمنه تقرير للتفتيش المركزي عام 2003 مادة استذكار في بيان المطارنة الموارنة نظراً الى الفضائح والمخالفات والتجاوزات التي انطوى عليها، وتوالت على الأثر المواقف المطالبة باصلاح شامل وبتفعيل المساءلة ووقف الاهدار. ونتج من ذلك تأليف لجنة اقترحت الحلول اللازمة، وأبرزت في تقريرها العوائق. لكن ما لبث ان تبين أن عمل اللجنة لم يكن سوى حبر على ورق. وبقيت الصعوبات تتصدّر الهمّ الاداري وتدفع بالادارة الى مزيد من التقهقر حتى أصبحت مضرب مثل في المحسوبية والاستغلال والانحراف واللامبالاة والتخلف وسوء الادارة. ومن أجل سدّ النقص في الملاكات القيادية عمد بعض المسؤولين الى الالتفاف على القانون باللجوء الى حالات التكليف المخالفة للقانون. وقد تضمن التقرير لائحة بالتجاوزات، ولم تتم اعادة هيكلة الادارات واختصار سير المعاملات وضعف القيادات وميل البعض الى اعتبار الوظيفة وجاهة… وركّز التقرير على مكامن الخلل في الحقل التربوي خصوصاً في مجال التعاقد والمناقلات غير القانونية، وأوصى بتنفيذ الحماية للشبكة الكهربائية في شكل يتناسب مع واقعها الحالي وتعميم هذه الحماية واجراء صيانة دورية ومنتظمة لخطوط النقل والعوازل التابعة لها وتأمين التجهيزات اللازمة لمعامل الانتاج لتمكينها من العمل وفقاً للأصول الفنية المتبعة، والعمل على متابعة تركيب عدادات على مخارج المخيمات من أجل ضبط استهلاك الطاقة وحماية المحطات والشبكات وتعميم ذلك ليشمل مخارج القرى والبلدات والاحياء في المدن والمناطق.

وفي التقرير السنوي لرئيس مجلس الخدمة المدنية عام 2010 تحدث عن تغلغل الرشوة وطغيان المحاباة والاستبداد والاستنساب بسبب فقدان المواطنية واستشراء التعلق بالطائفية والمذهبية مدخلاً إلى كسب النفوذ والسلطة وتولي المراكز الادارية العليا من دون الاعتماد على مبادئ الجدارة والكفاية والاستحقاق، ما أدى الى ضعف الادارة التي تعكس هيبة السلطة.

وأقر التقرير بأن لا علاج للفساد الاداري في دولة المحاصصة التوافقية وأحزمة الأمان الطائفية والسياسية والحزبية، ما يحول دون تعزيز اخلاقيات الوظيفة ومبادئ النزاهة والشفافية ونظافة الكف فيها. لذلك لا بد من حملة واسعة تطاول مختلف القطاعات بما يؤدي الى سيادة القانون وسلطانه ويعزز الرقابة وضمان استقلال القضاء بما يمكنه من القضاء على مظاهر الفساد، ولا تبقى الوظيفة في مؤسسات الدولة حكراً على مقدمي فروض الطاعة لهذا الزعيم أو ذاك بحيث يعجز وزير عن نقل حاجب من مكانه… فيتحول قرار النقل أزمة طائفية أو سياسية.

لقد بلغت كلفة الفساد ما يقارب الملياري دولار سنوياً، وكان في الامكان لولا هذه الكلفة تحسين أوضاع الموظفين فلا يصبحون سارقين أو فقراء وهو ما يؤدي الى اختلالات اجتماعية لا يمكن ضبطها ما لم تضبط الاختلاسات.