انتهت القدرة الاستيعابية لمطمر الجديدة على الشاطئ. كذلك انتهت فترة «الدحوشة» التي قام بها المتعهد، بناءً على طلب الاستشاري، لزيادة القدرة الاستيعابية التي انتهت بداية هذا الشهر. مجلس الوزراء لم يجتمع لمناقشة «خطة الطريق» التي اقترحها وزير البيئة فادي جريصاتي، وتتضمن ــ بين الحلول ــ ردم البحر مجدداً بين مطمري برج حمود والجديدة وإنشاء مطمر جديد، أو إعادة فتح مطمر الناعمة. وإذ تستبعد مصادر سياسية متابعة مجرد قبول البحث في إعادة فتح الناعمة، خصوصاً بعد التطورات السياسية الاخيرة التي تعطل اجتماعات مجلس الوزراء، لن يبقى أمام المعنيين سوى «حلّين»، سيّئين جداً، لكي لا تبقى النفايات في الشوارع، لا سيما نفايات المتن وكسروان وقسم من بيروت.
الأفكار المقترحة الآن تدور حول:
– استحداث «باركينغ» لاستيعاب النفايات مؤقتاً إلى حين إيجاد الحلول، وهو أمر سبق أن جُرّب في ازمة عام 2015 وتسبب في انتشار روائح قاتلة اثناء إعادة نقله لطمره في المطامر.
– أو زيادة ارتفاع مطامر الشاطئ إلى حين إيجاد البديل. واذ تنص شروط العقد على ألا يتجاوز ارتفاع المطمر 13,5 متراً عن سطح البحر، تؤكد مصادر متابعة أن هذا الخيار مرفوض من البلديات التي تتخوف من «عودة» جبل نفايات برج حمود، خصوصاً أن الامر مرهون بإيجاد حل سياسي حكومي، سيبدو غاية في الصعوبة، او ايجاد خطة بديلة مستدامة غير متوافرة بعد في القريب العاجل.
أما فكرة نقل النفايات التي كانت تطمر في برج حمود والجديدة الى مطمر الكوستابرافا، فان من طرحها سيبلع لسانه بعد المواقف التي اطلقتها بلديات المنطقة أخيراً، وطالبت مجلس الوزراء باحترام قراره بعدم طمر أكثر من الف طن فقط في هذا الموقع، ما يعني طلب اعادة النظر في طمر نفايات منطقة الشوف وعاليه ايضاً، ووقوع هذه المنطقة في أزمة ايضاً!
من جهة اخرى، يُفترض أن تتعثر برامج الفرز من المصدر التجريبية مع بعض البلديات للتخفيف من كمية النفايات التي تذهب الى المطامر. وترجّح المصادر أن تصطدم هذه البرامج بعوائق كثيرة، منها عدم الالتزام الكلي وعدم الشمولية… ومنها ما يتعلق بطرق تصريف النفايات المفروزة، اذا نجحت عمليات الفرز. فكما هو معلوم، لا توجد معامل لإعادة تصنيع الزجاج، وليس سهلاً في القريب العاجل ايجاد مستثمرين مغامرين اذا لم تكن هناك مغريات كبيرة، خصوصاً أن سوق اعادة التصنيع في العالم تلقّت ضربة كبيرة بعد قرار الصين العام الماضي التوقف عن استيراد المواد القابلة لإعادة التصنيع، ما تسبب بإرباك في سوق تصريف النفايات والمواد القابلة لإعادة التصنيع عالمياً. وكذلك الأمر بالنسبة الى سوق البلاستيك الذي تتعدد أصنافه بشكل كبير، وتكثر أنواعه غير القابلة لإعادة التصنيع، وهذا ما كان يجب درسه وتفاديه لو كانت هناك دراسات وإجراءات تخفيفية لعدم تسهيل نشاطات التجار الذين لا يأخذون في الاعتبار هذه القضايا اثناء استيراد السلع التي تتحول الى نفايات، ولو تدخّلت وزارة البيئة تشريعياً لضبط انتقال واستخدام المواد التي تتسبب في نفايات كثيرة بالحجم وغير قابلة للتحلل السريع ولا لإعادة الاستخدام أو إعادة التصنيع. وقد تم صرف كثير من المال على دراسات تناولت جوانب كثيرة من هذا الملف، الا هذا الجانب الاستراتيجي الذي كان يعتبر صمام الأمان للتخفيف من حجم النفايات قبل أن تتولد.
في الاطار نفسه، دعت وزارة البيئة متخصصين الى مناقشة مسودة الاستراتيجية لإدارة النفايات في الـ18 من الجاري. هذه الخطوة، وإن جاءت متأخرة، تعتبر ضرورية لبلورة رؤية شاملة لكيفية ادارة هذا الملف. لكن السؤال المُلحّ الآن: كيف ستتصرف الوزارة والحكومة مع تفاقم الأزمة (بوصول مطامر الشاطئ الى حالة الذروة) على اعتبار أن الازمة مستمرة طالما أننا لا نزال في حالة طوارئ وخطط طارئة منذ العام 1997؟ وهل ستحصل عملية محاسبة، لا سيما للذين يخططون ويشرفون على تلزيم الخطط وتنفيذها ومراقبتها منذ ما يقارب ربع قرن لادارة حالة الطوارئ، وخصوصاً مجلس الانماء والاعمار؟ مع العلم بأن خطط الطوارئ، لا سيما الاخيرة منها، كلفت الكثير، بيئياً ومالياً واقتصادياً وسياحياً وصحياً… اكثر من المطلوب واكثر مما كنا ندفع في الخطط الطارئة السابقة؟ وهل من يسأل ويحاسب الذين فشلوا حتى الآن في ايجاد حلول استراتيجية، لا سيما في وزارة البيئة؟ وما مسؤولية الكتل السياسية الكبرى التي تعاقبت على تولي حقيبة البيئة أو تلك التي تهربت منها أو تلك التي لم تُدخل في برامجها السياسية والانتخابية، بشكل جدي وعميق، تصوراتها ومقترحاتها لإدارة الملفات البيئية، وبينها هذا الملف الحساس؟