IMLebanon

مَن هو ريفي المتَهَم بتسريب الأشرطة؟

منذ الصباح الباكر وضع وزير العدل اللواء أشرف ريفي نفسه في حال طوارئ. تسريب اشرطة التعذيب في سجن رومية بدا كالعاصفة التي تجتاح كلّ شيء، صورة فرع المعلومات، تيار المستقبل وقياداته الذين بدوا من خلال ضرب المساجين على يد بعض عناصر المعلومات كمَن يطلق النار على رجليه، والاعتدال السنّي الذي يقاوم في مواجهة موجات التطرّف التي خلفتها الاحداث السورية والعراقية.

في البداية اتصل ريفي بالنائب العام التمييزي القاضي سمير حمود، لفتح ملفٍ قضائي، وهكذا كان، وتمّ الاعلان عن ذلك في بيان مقتضب، وتلا ذلك تنسيق بين ريفي ووزير الداخلية نهاد المشنوق وتفاهم على الذهاب بمحاسبة العناصر التي ارتكبت الجرم، كي لا تتحمّل مؤسسة قوى الأمن الداخلي وزر أفعال فردية لا تمتّ الى سلوك المؤسسة بصلة خصوصاً في مرحلة ما بعد العام 2005، حيث تسلّم ريفي قيادتها، وتسلّم اللواء الشهيد وسام الحسن فرع المعلومات، الذي تحول الى قوة استخبارية عالية المستوى، لا تحتاج في التحقيق بالجرائم الى استعمال الوسائل القديمة، في التحقيق أو الاستدلال.

مَن واكب مرحلة اشرف ريفي في قوى الامن يعرف المراحل الشكلية التي اختصرها لا بل ألغاها، مفتتِحاً عصر القيادة الحديثة.

لم يعد مستهجناً مع ريفي رؤية الضباط والعناصر يصافحون المدير العام، ويسلمون بالقبلات. كانت تلك اولى الساعات التي استلم فيها المهمة في مكتبه، الطابق الثاني في المديرية العامة لقوى الأمن. لا حواجز شخصية بين المدير العام والضباط والافراد، لا وجوه عابسة توحي بالرهبة اصطناعاً للموقف، بل مودة واحترام والتزام بتراتبية القيادة من أبهة الموقع، وانتاجية واندفاع في العمل.

ألغى ريفي بروتوكول الاستقبال والوداع ورفع التحية والموسيقى، وركن السيارة التقليدية الفارهة لقوى الامن في المستودع، وانصرف الى العمل، حيث كان ينتظره الكثير في ملف اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والجرائم الارهابية التي تلتها، وكان العمل يسير متوازياً بين طلب المعونات والخبرات والتدريب لفرع المعلومات ومده بالعديد والعتاد والكادر البشري القادر على القيام بأعباء المهمة، وبدأ ريفي منذ العام 2007 يقول: «أصبحنا موجودين امنياً على الارض وقادرين على فهم ما يحصل وكشف ملابسات الجرائم الارهابية على أنواعها».

من اتهموا ريفي بالوقوف وراء تسريب الاشرطة يعرفون تماماً حرصه على المؤسسة التي كان له الفضل بإنهاضها، ومع ذلك غامروا بالاتهام لعله يترك اثراً سيِّئاً لدى الرأي العام. يقول ريفي في مجالسه الخاصة: «كان همنا منذ البداية تأسيس جهاز أمني محترف، يقوم بمهمته على أكمل وجه، من دون استعمال التعنيف أو التعذيب، فهي أدوات قديمة بالية، أسقطتها التكنولوجيا الحديثة».

عمل ريفي طوال قيادته لقوى الامن على فتح باب التعاون مع منظمات حقوق الانسان، وكان هذا التعاون اساساً بالنسبة له حيث خضع الكثير من عناصر وضباط قوى الامن لدورات مكثفة، في سبيل تحسين وسائل التحقيق، وتأهيل السجون.

عندما شاهد وزير العدل مشاهد التعذيب حزن كثيراً، فليس هذا ما تعب من أجله هو واللواء وسام الحسن، وقرّر فوراً إحالة الموضوع الى القضاء، لكي يأخذ مجراه بحق العناصر الذين مارسوا بخلاف ما تعلموه، والذين كانوا استثناء للقاعدة في فرع المعلومات.

محاسبة هؤلاء العناصر كانت اساسية بالنسبة له، كي تخرج مؤسسة قوى الامن أكثر منعة وقوة، ومعرفة الطرف الذي سرب الاشرطة (اتهم حزب الله) يكفي لمعرفة أهداف التسريب، وأهمية التوقيت في بداية شهر رمضان، وحجم الاستهداف لصورة فرع المعلومات وإنجازاته.

قام العناصر بالاعتداء على المساجين وصوّرهم زملاء لهم، ثمّ انتقلت الاشرطة بسحر ساحر الى يد مَن احتفظ بها للتوقيت المناسب. التحقيق جار معهم وسيتوصل الى كشف الطرف الثالث الذي انتهز الفرصة الثمينة، ورماها كقنبلة في وجه الرئيس سعد الحريري، ووزيرَي الداخلية والعدل، ومسؤولية شعبة المعلومات بقيادة العميد عماد عثمان أن تكشف في التحقيق مَن هي الجهة التي وصلتها الاشرطة، فالشعبة قادرة على ذلك كما كشفت الحساب الزور «لأبناء السنة»، لكن في المحصّلة تمّ احتواء آثار القنبلة، على تيار الاعتدال، وتمت حماية فرع المعلومات، لكنّ جولات متوقعة مقبلة من هذه المؤامرة لا تزال على الطريق.