صديقي الخليجي، وهو كثير التردّد على لبنان بحكم أعماله، ويهتم بتفاصيل الحركة السياسية اللبنانية، على خلفية علاقات صداقة تربطه مع بعض القيادات السياسية، سألني بُعيد انتهاء الانتخابات عمّن هو المستفيد أكثر من تفاهم معراب: «التيار الوطني الحر» أم «القوات اللبنانية»؟!
لم أُفاجأ بالسؤال، فهو من المتتبعين لرياح التحالفات الحزبية والسياسية، وما تحمله أحياناً من مفاجآت، ولكن حاولت أن أوجز له رأيي بالنقاط التالية:
١ – الطرفان حققا مكاسب شعبية في الأوساط المسيحية التي تنفست الصعداء مع طيّ صفحة الحرب والخصومة الدموية بين العونيين والقواتيين منذ «حرب الإلغاء» التي خاضها الطرفان وجهاً لوجه عام ١٩٨٩.
٢ – «القوات» شعرت بارتياح أوسع في الفترات الأولى لأنها أصبحت قادرة على التحرّك في دائرة أوسع في المحيط المسيحي، كانت شبه مقفلة على أنصار التيار العوني.
٣ – أدت تطورات الانتخابات الرئاسية إلى سحب ترشيح د. سمير جعجع، إثر تأييد الرئيس سعد الحريري لترشيح النائب سليمان فرنجية، وإلى مبادرة جعجع السريعة بتبني ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة الأولى. مما أظهر أن ثمة تأييداً مسيحياً، لوصول العماد عون إلى قصر بعبدا.
٤ – انتخب العماد عون رئيساً للجمهورية، بعد أسبوعين من إعلان الرئيس الحريري تأييده للجنرال، واعتبر رئيس القوات اللبنانية نفسه شريكاً في هذا الانتصار! ولكن حسابات حقل «القوات» لم تطابق حسابات بيدر «التيار العوني»، حيث سرعان ما ظهر الفارق في الحسابات عند تشكيل الحكومة الحالية، وعدم مساندة التيار لـ«القوات» للحصول على وزارة سيادية، أو على وزارة «دسمة»، مثل وزارة الأشغال.
٥ – تعرّض تفاهم معراب لاهتزازات عديدة، حيث حرص الوزير جبران باسيل على إبعاد «القوات» عن دائرة المشاركة في القرارات والخيارات المطروحة، وكان وزراء «القوات»، بالمقابل، بالمرصاد للمشاريع والصفقات في مجلس الوزراء، وفي مقدمتها بواخر الكهرباء، الأمر الذي أدى إلى مزيد من التوتر بين الطرفين بلغ ذروته في الانتخابات النيابية، حيث خاضاها كخصمين لدودين في معظم الدوائر.
٦ – خلاصة الأمر، يمكن اعتبار «التيار الوطني» هو الرابح الأول والأكبر من التفاهم مع «القوات»، لأن هذا التفاهم مهّد الطريق نحو قصر بعبدا، ووفر فائض قوة لـ«التيار» ورئيسه، من خلال قدرات السلطة وامتيازاتها المختلفة، والتي لا يضيع باسيل فرصة لاستغلالها، سبيلاً في سعيه الحثيث نحو الرئاسة الأولى!