IMLebanon

من هو خليفة سهيل بوجي؟

في 26 نيسان المقبل يحال أمين عام مجلس الوزراء سهيل بوجي الى التقاعد. لا يوم «بالزائد» له في منصب لن تتمكّن هذه المرة حكومة تمام سلام من تجنّب ملء شغوره.

اسم البديل لن يحسم إلا على طاولة بيت الوسط. هذا بالضبط ما كان يدفع تمام بيك طوال الاشهر الماضية الى تحاشي الدخول في معمعة التعيينات العسكرية والمدنية. أول الأمثلة، وليس آخرها، التمديد للأمين العام للمجلس الاعلى للدفاع، وعضو المجلس العسكري، اللواء محمد خير. لم يكن مناسباً إطلاقاً فتح بازار حول الأسماء السنية المرشّحة، او طرح بند المفاضلة بين المناطق حول هوية الأمين العام الاصيل الذي سيخلف خير في الهيئة العليا للاغاثة: من بيروت او من طرابلس؟

ليس فقط لأن مجلس الوزراء – الرؤساء صار ماركة مسجّلة باسم التعطيل والفيتوات ونصب الافخاخ، بل لأن ابن المصيطبة كان يدرك في سرّه انه لن يكون له «مرقد» تعيين في حضرة سعد الحريري… حتى لو بقي الأخير مقيماً على الأراضي السعودية!

الأكيد، وفق المعلومات، ان حكومة سلام ستكون ملزمة بتعيين خليفة لبوجي في الموقع الأكثر حساسية وأهمية في هرمية السلطة على مستوى موظفي الفئة الاولى، حيث يكون لشاغل هذا الموقع حظوة امتلاك جزء من اسرار الجمهورية وصناعة خياراتها.

ومن الآن حتى موعد الإحالة الى التقاعد، يفترض أن «روحية» جديدة في التعاون الوزاري ستكون قد وجدت طريقها الى اجتماعات السرايا. (وفق نص المادة 65 من الدستور، يعتبر تعيين موظفي الفئة الاولى من «المواضيع الاساسية» التي تصدر إما بالتوافق او بأكثرية الثلثين).

الأمر الثاني المؤكّد، أن بوجي باق في السرايا، لكن ليس تماما كما فعل من سبقه عبر الاكتفاء بمتابعة بعض الملفات او تقديم النصح والمشورة. وفق معنيين بشؤون السرايا، سيبقى بوجي الظل الدائم لخليفته ولتمام سلام، وما بعد تمام سلام.

باعتراف سهيل بوجي أمام من تسنّى له اقتناص موقف من الحرب «الكونية» التي شنّت ضده في السابق، تحديدا من جانب العماد ميشال عون و «تياره»، فإن الرجل رفض منذ البداية البقاء دقيقة واحدة في موقعه بعد انتهاء فترة انتدابه من مجلس شورى الدولة المحدّدة بفترة ست سنوات والتي انتهت في 11 تشرين الثاني من العام 2006 (عيّن في 11 تشرين الثاني 2000).

لكن ما لم يقله الرجل على لسانه، بأن وديعة الرئيس رفيق الحريري في السرايا لم يكن من الممكن التفريط بها من جانب الرؤساء فؤاد السنيورة وسعد الحريري ونجيب ميقاتي وتمام سلام، مع التسليم بأن للأخيرين اعتباراتهما المختلفة عن الاوّلين.

في 28 تموز من العام 2010 وجّه النائب حكمت ديب سؤالا الى الحكومة «حول سبب بقاء بوجي في مركزه رغم المخالفة القانونية. وفي حال إعفائه من مهامه، ما هو مصير التعويضات الاضافية التي تقاضاها عن المدّة التي فاقت السنوات الست المسموح بها قانوناً، وما هو مدى صحة وقانونية المحاضر التي قام بضبطها في جلسات مجلس الوزراء بعد 11 تشرين الثاني 2006؟

ردّ حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، الذي كُتب على الارجح بيدّ بوجي نفسه، جاء مبكّلا وأشبه بمطالعة قانونية شاملة، وملخصه «وضع القاضي سهيل بوجي قانوني وسليم ولا تشوبه أي مخالفة، وليس في نية الحكومة اعفاؤه من مهامه نظراً لما أثبته من مناقبية وتفان في الخدمة، إضافة الى كفاءاته العالية وخبراته الطويلة في المجالين القانوني والاداري».

اما بالنسبة الى مسألة التعويضات، فإن هذا التساؤل، وفق الردّ نفسه، يسقط حكما استنادا الى الحجج القانونية التي أوردتها الحكومة والتي أعادت تذكير العونيين بأنه «في حالة الانتداب، لا يتقاضى الموظف أو القاضي المنتدب من الادارة التي انتدب اليها أي راتب يتعلق بالوظيفة التي يقوم بها، كما لا توجد أي تعويضات أو مخّصصات للشخص الذي يشغل هذه الوظيفة، باستثناء التعويض الذي قد يتقاضاه في حال قيامه بأعمال إضافية لدى هذه الإدارة، وهو بذلك ما زال يتقاضى رواتبه من ملاكه الأصلي في مجلس شورى الدولة».

إذا، بحلول 26 نيسان سيصبح القاضي سهيل بوجي أمينا عاماً سابقاً لمجلس الوزراء من دون ان يغادر السرايا. حتى اليوم لا حسم لهوية الامين العام المقبل. وبعكس ما تمّ تناقله مؤخرا هناك استحالة للتمديد لمدني في وظيفته بعد بلوغه سن التقاعد بعكس ضباط السلك العسكري.

كل من يلتقي بوجي مؤخرا ينقل عنه استعداده للمغادرة وحماسته لفترة نقاهة ستطول بعض الشيء. يردّد بأنه تعب كثيرا وبحاجة للراحة وللتفرّغ أكثر للعائلة. وبحسّ النكتة الذي يطبع شخصيته خلافا لبروفيله «الحديدي» يقول «ما زلت شابا وامامي الكثير لافعله بعد».

ويفيد مطلعون انه في حال تعذّر التوافق على تعيين بديل عن بوجي بسبب عقدة الآلية الحكومية، او بسبب تضارب التوجّهات بين سلام والحريري، فإن رئيس الحكومة بإمكانه ان يصدر قرارا بتكليف شخصية سنية في هذا الموقع بصورة مؤقتة.