ما كان ينتظر رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، سماعه من حزب الله، رداً على تبنّيه ترشيح حليف الحزب ومرشحه الأوحد لرئاسة الجمهورية، جاءه هذه المرة على لسان الوزير السابق وئام وهّاب، وحرفيته أن السيّد حسن نصر الله أعطى كلمته النهائية بترشيح العماد عون لرئاسة الجمهورية ولن يتراجع عن هذا الترشيح لأسباب دينية وأخلاقية، ولكن من ضمن سلّة متكاملة تشمل رئاسة الحكومة، ومَنْ سيكون أول رئيس حكومة في عهده، وقانون إنتخابات على أساس النسبية، وما لم يحصل هذا الإتفاق في سلّة واحدة، فلا مجال للبحث في إفراج الحزب عن أسر جلسة انتخاب الرئيس.
كلام الوزير السابق كان الترجمة الحقيقية للأسباب الكامنة وراء صمت حزب الله عن التسابق القائم بين زعيميّ قوى الرابع عشر من آذار على ترشيح صقرين من قوى 8 آذار لرئاسة الجمهورية كتسوية تُنقذ البلد من تداعيات استمرار الفراغ في الرئاسة الأولى على كل المستويات وأخطرها على الإطلاق المستوى الأمني الذي ما زال حتى الآن ممسوكاً في حدوده الدنيا بقدرة قادر، ورفضه الدخول في هذا البازار الذي هزّ وحدة ثورة الأرز وبات يهدّد فعلاً بفرط عقدها، حتى بعد سقوط مبادرتي زعيم تيّار المستقبل ورئيس حزب القوات اللبنانية وهما آيلين حتماً إلى السقوط ما لم تكرّ سبّحة التنازلات ويرضخ صاحبا المبادرتين لشروط السلّة الواحدة، أي تسليم الحكم كلّه إلى حزب الله وفريقه في الداخل وحلفائه في الخارج، وإيران تحديداً التي يستوحي حزب الله مواقفه الإقليمية منها، وهنا يُطرح السؤال، هل يُقدم زعيما 14 آذار الأساسيين على مراجعة نقدية لمواقفهما بعدما تبلّغا القرار النهائي من حزب الله بأن لا مكان عنده لأية تسوية مقترحة من قبلهما، حتى ولو إنصبّت على هدف واحد وهو أن يكون الرئيس من فريقه، بل من الصقور في فريقه، إلا إذا قبلا بالسلّة الواحدة، أي بقانون إنتخاب نسبي وبرئيس حكومة لا يكون زعيم تيّار المستقبل واحداً من المرشحين إلى هذا الموقع والعودة إلى لملمة الصفوف واعتماد سياسة الصبر والصمود إلى أن تصبح الظروف الداخلية والإقليمية مؤاتية لفتح أبواب تسوية تكون مشرّفة ولا يكون فيها رابح وخاسر كما تسري الأمور حتى الساعة أم أنهما سيستمران في لعب الأوراق الخاسرة الواحدة تلو الأخرى، وفي اعتقادهما أنهما بذلك يحشران حزب الله ويضعانه في الزاوية بحيث لا يبقى أمامه سوى الخيار بين أحد حلفائه الستراتيجيين.
من المُبكر التكهّن بما إذا كانت تولّدت عند ركنيّ 14 آذار الأساسيين مثل هذه القناعة ربما لأن الأمور لم تتضح عندهما بالشكل المطلوب، بالنسبة إلى الخيارات النهائية لحزب الله، على الرغم من إنعدام وجود أي ثغرة من شأنها أن تخرق الإنسداد التام في الجدار الرئاسي ومَنْ يَعِشْ يرَ.