التسوية «زواج مع وقف التنفيذ»
من يقدّم «الضمانات» لما بعد الانتخاب؟
لا تلتغي الاعتراضات الشديدة على مبادرة الرئيس سعد الحريري بترشيح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية مقابل عودته إلى رئاسة الحكومة، والتي تسببت حتى اليوم بتحويل تلك المبادرة إلى «زواج مع وقف التنفيذ» بين فرنجية والحريري. فترشيح فرنجية جدي جداً.. والاعتراض جدي.
لكن.. تبين أن المبادرة بحاجة لمزيد من عملية انضاج «متممات» عملية الترشيح عبر ضمانات تسلك طريقين: طريق الرابية التي يفترض أن يتعهدها حزب الله، وطريق معراب التي يفترض أن تتعهدها السعودية.
متى يحصل الاتفاق وتجري عملية الانتخاب؟ الأرجح أن حصول ذلك يحتاج إلى أمر من اثنين:
الاول، اذا تجاوب رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع مع مداخلات سعودية لفكّ «التحالف الموضعي» مع العماد ميشال عون في مواجهة ترشيح فرنجية. لأن جعجع يؤمّن مع حزب «الكتائب» التغطية المسيحية التي يريدها فرنجية.
الثاني اذا حصل تفاهم سعودي ـ ايراني يؤدي الى رغبة ايرانية لدى «حزب الله» بالتوجه لاقناع عون مما يؤمن التغطية المسيحية ايضا.
حتى اليوم، لا توجد مؤشرات حول هذين الاحتمالين، خصوصاً في ظل معطى أساسي مفاده أن «حزب الله» يحتاج أيضاً إلى ضمانات لعدم تكرار الدور السعودي خلال عهد الرئيس السابق إميل لحود. وهذه الضمانات توفرها ايران. ولهذا فإن المبادرة تحتاج الى ضمانات متبادلة بعدم افتعال مشكلة بعد الانتخاب، لانه بالنتيجة سينتخب رئيس جمهورية لست سنوات لبلد ليس معلوما ماذا سيحصل في محيطه.
وتعتقد أوساط مسيحية أن أحد أسباب تجميد مبادرة الحريري، هو ما تركته لدى «حزب الله» من أسئلة حول «غايات الطحشة السعودية في هذا الوقت». تجزم تلك الأوساط أن ثقة «حزب الله» بفرنجية سقفها عالٍ جداً جداً، فرئيس «المردة» هو كحد السيف في صدقه وثباته، ويعرف الحزب ان فرنجية لا يغير ثوابته تحت اي ظرف. ولكن تلك الأوساط تخشى أن يعمد الفريق الآخر الى تكبيل فرنجية في الحكومة، وهنا جوهر اعتراض «حزب الله».
تؤكد تلك الاوساط ان «ترشيح فرنجية اكثر من جدي، ونحن نعلم انه اذا تعذر انتخابه لن ينتخب احد غيره، وسيبقى هو وميشال عون منتظرين الى ان يقضي الله امرا كان مفعولا، وبعد المبادرة صار التراجع صعبا، وفرنجية قد لا يؤيد عون بعد اليوم اذا عطل انتخابه».
من هنا، فإن تلك الأوساط ترى أن الأمور ستبقى معلّقة إلى حين توفر أحد الشرطين: قبول عون بفرنجية أو قبول جعجع و «الكتائب». عندما يتوفر احد هذين الشرطين سيتم الانتقال الى المرحلة الثانية وهي الضمانات والمطالب، مع التسليم برئاسة سعد الحريري للحكومة. تلك التفاصيل تتعلّق بشكل الحكومة ومكوناتها وتوازناتها، و «الثلث الضامن» و «الثلاثية الذهبية».. وقانون الانتخاب الذي سيستخدم كسبب معلن لتأجيل تنفيذ الاتفاق على انتخاب الرئيس.. وصولاً إلى الاتفاق على إسم قائد الجيش.
كل ذلك يؤدي إلى قناعة أن الامور ستأخذ وقتا لان «السلة» هي قانون الانتخاب والحكومة وبيانها الوزاري وقائد الجيش، وعند الاتفاق على هذه الامور في اليوم التالي يحصل الانتخاب، بحسب الأوساط المسيحية التي تنقل عن فرنجية تأكيده أنه لم ولن يلتزم بأي شيء قبل إعلان ترشيحه رسمياً، ولهذا فإن احتمالات العرقلة ستنشأ من مضمون «السلة».
ترى تلك الاوساط انه «اذا كانت قوى 8 آذار تريد ان تعتبر نفسها منتصرة، فلا خيار لها الا بانتخاب فرنجية في ظل رفض الفريق الآخر للعماد عون»، إلا أنها تشدد على معادلة «أن يأتي فرنجية لينفذ برنامجه شيء، او ان يأتي ليطوق لاحقا وينفذ الآخرون برنامجهم شيء آخر، لانه حينها نصبح في مكان آخر».
تلفت الاوساط الى حقيقة يقرّ بها الجميع وهي ان سليمان فرنجية «يمتلك كل المقومات التي تمكنه من ان يكون رئيسا، خصوصا في هذه المرحلة وما تحمله الايام المقبلة من حلول في المنطقة، هو رجل غير سهل ولا احد يستطيع ان يزايد عليه في مسيحيته، وقيمته المضافة انه اختبر اللعبة السياسية منذ صغره ايام الوجود السوري وصولا الى ما بعد الانسحاب السوري، وتعرّض لكل انواع الضغط والاستهداف وصمد مبقيا على انفتاحه حتى على خصومه.