«الانتخابات النيابية حاصلة حتماً في العام 2017»
مَن يسبق مَن: مجلس النواب أم رئيس الجمهورية؟
«الانتخابات النيابية حاصلة حتما في العام المقبل».
عنوان يردده وزير الداخلية نهاد المشنوق وتُجمِع عليه قوى 8 و14 آذار. إذ باتت الأحزاب والتيارات كافة تستعد لهذا الاستحقاق، في الوقت الذي تستخدم فيه أوراقها التفاوضية للظفر بقانون الانتخابات الأمثل لها، علما ان الاتفاق على قانون الانتخابات لا يعني بالضرورة الخروج من أزمة الفراغ الرئاسي، لا بل إن ثمة من يحذر من الولوج في أزمة فراغ مؤسساتية شاملة اذا وصلنا الى الانتخابات النيابية من دون رئيس للجمهورية.
مع انطلاق مشوار القانون الانتخابي، لطالما ردد «المستقبليون» رفضهم «النسبية في ظل السلاح»، ووجهة نظرهم مؤداها ان «حزب الله» سيكون المنتصر الأكبر على هذا الصعيد، لكن مع الوقت، وخصوصا في ضوء نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة، فتح «التيار الأزرق» الباب أمام الأخذ والرد، فكان موقف الرئيس فؤاد السنيورة في جلسة الحوار الأخيرة حازما برفض أي مشروع انتخابي يكون محصورا بالنسبية، وبالتالي، أبقى الباب مفتوحا أمام أي مشروع مختلط (أكثري ونسبي)، طالما أن الأكثري (أي الستين وغيره) مرفوض من غالبية مكونات الحوار الوطني.
هل الوقت الفاصل عن الانتخابات النيابية (سَنَة) يمكن أن ينتج فرصة رئاسية أم تتأجل الانتخابات الرئاسية الى ما بعد الانتخابات النيابية المقبلة؟
يتمسك «المستقبليون» بالانتخابات الرئاسية أولا، وان كانوا يشيرون الى ان لا رئاسة اليوم في ظل عدم حسم أي طرف للنزاع في سوريا، ما يؤثر بشكل مباشر على الوضع اللبناني.
في المقابل، ثمة من «يتبرع» في «8 آذار» للقول إن «حزب الله» يدرك انه سيخسر بعض المقاعد في النسبية، لكنه متحمس لتغيير يخرج المجلس النيابي من التكتلات الطائفية الكبرى التي تهيمن على المجلس بالاشتراك مع قوى وسطية. من هنا، يقول هؤلاء إن هدف الحزب إنتاج سلطة سياسية جديدة تكون تعبيراً عن قوى برزت في الآونة الأخيرة، ونتائج الانتخابات البلدية خير مثال على ذلك.
من ناحيته، يرفض «التيار الحر» قانون الستين ويتمسك بـ «القانون الأرثوذكسي» ورقة تفاوضية أولى. بالنسبة الى «التيار»، تتوازى الرئاسة والانتخابات النيابية في الأهمية، ومن هنا، ثمة أهمية لإجراء الانتخابات النيابية في ظل عدم التوصل الى حل للفراغ الرئاسي. أما على صعيد القانون، فلا محالة من اعتماد القانون المختلط، من دون كشف الأوراق اليوم، كمقدمة لتقصير ولاية المجلس النيابي، وهو بذلك يتقاطع مع فكرة بري بتقصير ولاية المجلس. وعند هذه النقطة، يشير «القطب المستقبلي» الى ان ثمة مخاطر عدة، لا تقف عند الشأن الدستوري بل تتعداه الى شؤون البلاد، في الموافقة على إجراء انتخابات نيابية في ظل غياب رئيس للجمهورية.
واذا كان انتخاب الرئيس هو الهدف المأمول من الجميع، ثمة احتمالان للسيناريو الدستوري الحالي، حسب خبير في الموضوع:
أولاً، التوصل فعلاً الى انتخاب رئيس، ما يفتح الباب لاعتبار الحكومة مستقيلة لتدخل مرحلة تصريف الأعمال، ومن ثم الاتفاق على قانون للانتخابات، يجري على أساسه الرئيس الجديد للجمهورية استشارات نيابية ملزمة لاختيار رئيس الحكومة.
ثانياً، تعذر انتخاب رئيس، لكن، في المقابل، التوصل الى قانون للانتخابات بعد التصويت عليه في المجلس النيابي الحالي، وعندها يتم انتخاب المجلس الجديد الذي ينتخب بدوره الرئيس. لكن أحد المتابعين للشأن السياسي يسأل هنا: كيف يمكن انتخاب هذا المجلس من دون أخذ رأي رئيس الجمهورية بالقانون الذي على أساسه جاء المجلس؟ ألا يعد ذلك انتقاصاً من صلاحيات الرئيس وتهميشاً للمسيحيين؟
في كلا الحالتين، ثمة سؤال على هذا الصعيد: ماذا لو تم انتخاب مجلس نيابي جديد، وعمدت القوى المسيحية الى اشتراط انتخاب رئيس للجمهورية قبل اختيار هيئة مكتب المجلس ومن ضمنها رئيس المجلس؟
لا يريد «التيار الحر» كشف أوراقه، ويشير أحد قيادييه الى ان انتخاب رئيس للمجلس سيضع على عاتقه مسؤولية الدعوة الى انتخاب رئيس الجمهورية. أما اذا تعذر ذلك، فإن الحكومة ستكون الرابح الأكبر وستستمر كأمر واقع، حسب التيار.
لكن، بالنسبة الى القطب «المستقبلي»، فإن الرابح سيكون حينها الرئيس بري، وبالطبع «حزب الله»، وسيكون ذلك تكريساً لهيمنة الحزب على الحياة السياسية. الأمر الذي ينفيه المتابعون في «8 آذار»، مع الإقرار بأن البلاد مقبلة على مأزق الفراغ إذا استمرت البلاد حتى حزيران 2017 من دون رئيس ومن الأفضل الاتفاق على قانون الانتخابات اليوم، في ظل وجود حكومة ورئيس للمجلس. ويطرح هؤلاء السؤال: ماذا لو انتخبنا رئيساً اليوم، وبقينا غير متفقين على ماهية قانون الانتخابات، هل سنتوصل إلى حل لأزمتنا الوطنية؟