IMLebanon

مَن يحمي شاطئ عكار من النفايات؟

 

«ممنوع رَمي النفايات تحت طائلة المسؤولية»… «تروك المكان متل ما بتحبّ تشوفو»… شعارات علّقتها أكثر من جمعية عملت على تنظيف الشاطئ العكاري أخيراً. لكن حتى عمل هذه الجمعيات ليس أكثر من «هبّات» بين الحين والآخر لتنفيذ مشروع مدعوم من منظمة أو ما شابه تتخلّله استفادات بالجملة، بينما يبقى الشاطئ أقل المستفيدين، إذ إنّه يحتاج حملات تنظيف وتنشيط وتطوير مستمرّة ليعود له رونقه ويتفاعل دوره ويتفاعل الناس معه.

لا ينفكّ العكاريون يقصدون «شاطئ عكار» للتمتّع بمنظر البحر وممارسة رياضة المشي والاستفادة من هذا العطاء الرباني الطبيعي رغم كل ما يعتريه من تعديات وفوضى، ورغم تجاهل الدولة والبلديات والاتحادات البلدية لهذا المرفق الحيوي المهم القادر على إنعاش المنطقة سياحياً واقتصادياً وتحويل ليل تلك المنطقة ضجيجاً وحياة.

هذا الشاطئ الذي يشكو كل يوم الإهمال وغياب الإنارة والمشاريع الحيوية، يستصرخ قائلاً: «مَن يحميني ويحميكم من خطر النفايات، وأن أتحوّل مكبّاً؟».

مكب!

بعد مرور قرابة العامين على إخلاء الجيش اللبناني شاطئ العبدة من خيم النازحين السوريين التي كانت تكتسحه، ظنَّ كثيرون أنّ هذا الأمر يشكل مقدّمة لعملية نهوض بهذا الشاطئ ستقوم بها الدولة، وستنطلق ورش عمل البلديات لتطوير الشاطئ وتجميله وتحويله منتزهاً عاماً بعدما عاد إلى أهله.

لكن حتى اليوم لم يتغيّر شيء حيال النظرة الرسمية إلى هذه المنطقة التي يمكنها، لو تمّت الإستفادة منها، أن ترفد الاقتصاد اللبناني بالدعم المطلوب وتحقّق وفراً تنموياً، المنطقة في أمس الحاجة إليه.

صيد وسط القمامة

لا يزال المواطنون من كل عكار يقصدون هذا الشاطئ الذي لا بديل عنه لأنه المتنفّس البحري الوحيد، رغم غياب الرصيف والإنارة أسوة ببقية الشواطئ في مناطق طرابلس وشكا وجبيل وغيرها. أما التعديات فحدّث ولا حرج: الشاطئ يتحوّل مكباً للنفايات.

يقول أحد المواطنين وقد صادفناه يمارس هواية صيد السمك: «كل أسبوع آتي إلى هنا لأصطاد. الوضع أصبح مزرياً إذ إنني أمارس هواية الصيد وسط القمامة».

ويضيف آخر: «كم أحبّ منظر البحر في عكار وكم أتمنى الاهتمام به ليكون مقصداً للناس ليل نهار فنحن مقبلون على موسم صيف. للأسف لا يريدون لنا أن نتمتع ببحرنا لنلجأ إلى مناطق أخرى. إنها نعمة إلهية نحن محرومون منها وإذا أصرّينا على المجيء فالروائح الكريهة هي سيدة الموقف».

١٦ كلم

يبلغ طول الشاطئ العكاري من العبدة حتى العريضة ١٦ كلم تقريباً، وإذا كان الناس لا يتمنّون أن تمتد أيادي البشر إليه بمشاريع ردم من هنا أو قضم للبحر من هناك، فإنهم في المقابل يتمنّون أن تمتد إليه أيادي الاستثمار السياحي بمشاريع حيوية من مقاهٍ ومطاعم واستراحات، ومشاريع تجميلية من أرصفة وإنارة وتوسعة، تعطيه الحياة التي يفتقدها خصوصاً في الليل ومع اقتراب موسم الصيف.

إنه البحر العكاري الذي تنغّصه قلة الإهتمام وغياب المشاريع التنموية التي لو وُجدت لجعلت المنطقة تضج بالحياة، ولأحيت السوق التجاري المعروف بسوق خط البحر الذي تشتاق محاله هذه الأيام إلى زبائنها بعدما أصبحت الحركة شبه معدومة كما يؤكد معظم التجار.

هذا البحر اليائس من أكوام النفايات المتكدّسة يحنّ ليصبح يوماً مقصد الناس من عكار وكل لبنان ومن الخارج أيضاً، وأن يعانق جاره مطار القليعات.

فعكار فيها الأرض والبحر والجبل إنها القرية والمدينة تتعانقان جنباً إلى جنب وكادت أن تكون كل شيء لولا قليل من الإهتمام الرسمي، خصوصاً في ظلّ إصرار أبناء عكار على الوصول إلى حقهم في الإنماء المتوازن وعدم التوقف عن المطالبة فيه، وهو ما يفسر تمسّكهم بكلّ مقوم من مقوّمات الحياة في محافظتهم المنسيّة.