IMLebanon

مَن يحمي المشنوق؟

شكّل أداء وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق مادّةَ تجاذبٍ سياسيّ حتّى داخلَ فريقه، في وقت تكثرُ التحدّيات الأمنيّة ويزدادُ الخوف من إنتقال النار السوريّة الى الأراضي اللبنانية.

المشنوق مصرّ على النجاح ويرفض أن يكون وزيراً للداخلية بينما الأمن يهتزّ حوّل المشنوق الداخلية، من وزارة «فخ» وقنبلة موقوتة قدّ تنفجر بين يديه في أيّ لحظة وتقضي على مستقبله السياسيّ، الى وزارة نجحت في سحب فتيل التوتّر من البلد الذي يكاد أن ينفجر مع كل هزّة سياسيّة أو أمنيّة.

خسر المشنوق كثيراً وخاصم شريحة واسعة من أبناء مذهبه إتهمته بأنه يعمل ضدّ مصلحتها، لكنّه في المقابل رسّخ منطق الخطط الأمنية المتنقّلة، وإن كانت لم تفض الى النتيجة المتوخّاة في بعض المناطق مثل البقاع الشمالي والضاحية الجنوبيّة بسبب وجود خصوصيّة أمنية لـ»حزب الله» لم تستطع كل الكتل السياسيّة حلّها على طاولة الحوار، فهل مِن المنطق أن يُحمّل وزير داخلية إستلم حقيبته في عزّ التفجيرات والشحن الطائفي، وحيداً، عبء هذه الخصوصيّة؟

الكلام القائل إنّ «صقر المستقبل»، أيْ المشنوق، يحمي «حزب الله» وينفّذ أمنياته في إراحته من ملفات كانت تخضّ خاصرته، ليس صحيحاً. وإذا إبتعدنا من الكلام الشاعريّ لجهة أنّ المشنوق يحمي الوطن، وقاربنا الأمور بواقعيّة، نرى أنّ وزير الداخليّة حمى طائفته في الدرجة الاولى.

فلو تمدّد الإرهاب في البيئة السنّية، لكان تكرّر سيناريو «داعش» في العراق وسوريا، ولكانت وقعت مواجهة مع الجيش والقوى الأمنية التي لن تسمح بتمدّد «داعش» وأخواتها، وبالتالي مَن كان سيتحمّل مشهد طرابلس تدمّر أو صيدا أو أيّ منطقة سنّية أخرى.

من جهة ثانية، طمأن المشنوق المسيحيين في إجراءاته، إذ ماذا سيكون عليه الموقف لو أنّ الجماعات المسلّحة نمت وفكّرت في توسيع ما يسمّى «إمارتها» في طرابلس والشمال، نحو زغرتا والكورة والبترون وبشري؟ وعلى رغم إستبعاد هذا السيناريو، فإنه يمكن لأيّ جماعة مُسلّحة تتغلغل في منطقة معيّنة، أن تحتلّها أولاً، وتدمّرها ثانياً، إذا قرّرت القوى الشرعيّة إسترجاع هذه المنطقة بمعركة.

أما الانجاز الثاني الذي يُسجّل للمشنوق، فهو إنهاء الحالة الشاذة داخل المبنى «ب» في سجن رومية، وبصرف النظر عن قضيّة الموقوفين الإسلامين، فإنّ السجن يضمّ أخطر المتهمين، ولو تركت الأمور على ما هي عليه، فقد نصل الى مرحلة الفرار الجماعي، وبالتالي فإنّ المناطق المحيطة برومية وهي مناطق مسيحية ستعيش أجواء رعب، هذا عدا عن خطر هؤلاء على الأمن القومي اللبناني وإستهدافهم الجيش والقوى الأمنية.

وفي هذا السياق، تؤكد مصادر وزارة الداخلية لـ«الجمهوريّة» أنّ «المشنوق ماض في عمله، وقد ظُلم في شارعه مرّات عدّة، لكنّ هناك مسائل تتخطّى الحسابات التجيشيّة، الى حماية الوطن».

وتشدّد المصادر على أنّ «المشنوق استلم موقعه في فترة صعبة، ومصرّ على النجاح في مهماته، ولن يقبل أن يكون وزير داخلية بينما الأمن يهتز»، سائلة: «هل كانوا يريدون إستمرار التفجيرات في الضاحية ولبنان؟» وتشير في المقابل إلى أنّ «أحداً لا يستطيع إنكار وجود بيئة داخل الطائفة السنّية تحتضن بعض الجماعات المتطرّفة، وعلى رغم أنها قليلة إلّا أنها تعكّر الأمن، لذلك يُعتبر فرض الأمن مسؤولية وطنية».

وتوضح المصادر أنّ «المشنوق إبتعد عن أداء الحياد في الداخلية لأنٍْ لا وسطية في الأمن، في وقت مدَّ الجسور مع كلّ القوى السياسية لأنّه يؤمن بمنطق الحوار وهذا ما كرّسه حوار تيار «المستقبل» مع «حزب الله». فالبلد لا يتحمّل إندلاعَ مواجهات جديدة تؤدّي الى حرب أهلية».

الملفات التي تثقل كاهل وزارة الداخلية كثيرة، فهناك ملف النزوح الذي أصبح ازمة مدوّلة لكن من دون الدعم الدولي المطلوب للبنان، إضافة الى قانون الإنتخاب الذي بات في عهدة لجنة نيابية لم تصل الى إتفاق حتّى الساعة.

وزارة الداخلية تحمي الجميع وتنتظر من الجميع حمايتها، والعمل فيها مستمرّ، لكنّ المعارك السياسيّة تضعف المؤسسات وتقضي على أدوات بقاء لبنان.