إنتظر اللبنانيون 8 أيام، حتّى يخرج رئيس الجمهورية ميشال عون عن صمته… بكلمة مسجلة، متقطعة، “ممنتجة”. وبدل أنّ يكون خطابه “كلمة الفصل” التي ستعيد المحتجين الى منازلهم، ازدادت الأعداد والاحتجاجات في الشوارع. بغض النظر عن المضمون، لم يكن الشكل على أفضل حال. أخطاء تقنية متنوعة أثارت موجة جدل وتساؤلات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي.
خاطب رئيس الجمهورية شعبه أمس بكلمة مسجلة ومصورة على مراحل. لم يرتجل في حديثه المنتظر، بل اكتفى بقراءة ما كتب على “Prompter” أمامه، مع ارتباك واضح أكده غياب تقنيات فن الخطاب ونبرة الصوت ولغة الجسد. يشير اختصاصي في فن الخطابة لـ”نداء الوطن” الى أنّه “لا يمكن وصف حديث الرئيس عون بـ”الخطاب”، بل يمكن اعتباره “كلمة”، لأسباب مختلفة أبرزها غياب الوقفة المنبرية والصوت الجهوري، وأساليب كتابة الخطاب لا سيما التكرار والتوازنات والايقاع والاستفهام وغيرها. كذلك، من الضروري معرفة نوعية الجمهور والعقول المتوجه اليها، ما يتطلب كلمة “سلسة” يفهمها الجميع ولا سيما الطلاب الذين يعتبرون عصب “إنتفاضة لبنان”. الّا أنّ هذا لم يطبق، بل اكتفى الرئيس باستبدال اللغة الفصحى بالعامية، لانها أسهل للفهم. لم يستغل عون الدقائق الاولى في حديثه، فغاب الكلام التشويقي الذي يجذب الجمهور، ويشوقه لسماع المزيد. لا تغيير في نبرة الصوت، ما جعلنا نشعر وكأننا أمام رئيس مغلوب على أمره، بدل أن يولّد من الضعف قوة انطلاقاً من مركزه كرئيس للجمهورية. ولم يستعمل أسلوب الاقناع والتأثير لنيل استعطاف الشارع، بل اكتفى برمي المسؤولية عنه”.
واضاف: “لغة الجسد كانت شبه غائبة، في وقت تعتبر أساسية لانها تنعكس ايجاباً على تفاعل الجمهور. ويمكن ربط غيابها بتقدم سن الرئيس، فالعمر يلعب دوراً مهماً في هذه النقطة بالذات. مع الاشارة الى أنه ضرب بيده على الطاولة لا سيما عندما أشار الى “المليارات المنهوبة” بدلالة واضحة على أنه يمتلك معلومات مؤكدة حول هذا الموضوع.
خطأ التصوير والمونتاج
إستعملت كاميرتان بشكل خاطئ خلال تصوير كلمة عون، ولم تصحح الأخطاء الواردة في”المونتاج”. يوضح تقني في التصوير والمونتاج أنّ “معياراً موحداً يُستعمل في تصوير كلمة الرؤساء، ويتم استخدام كاميرا واحدة فقط للتصوير وفق الكادر الواسع أو المتوسط، ويكون التصوير مباشراً وغير متقطع. أمّا بالنسبة إلى الفيديو الذي رأيناه بالأمس، فهو مصور بكاميرتين وضعتا بطريقة خاطئة، الواحدة قرب الأخرى، واستعمل فيها الكادر الواسع. وهذه الطريقة غير صحيحة أبداً، فلا يمكن استعمال الكادر الواسع هكذا، وهذا ما أظهر الأخطاء التقنية بشكل فاضح ولا سيما الـ”Faux raccord” وخصوصاً في صورة الكتب التي تبدل شكلها في المكتبة خلف الرئيس، إضافةً الى “Jump cuts” الناتجة عن سوء استعمال الكادرات. مع الاشارة، الى أنه يمكن أن يكون الشخص الذي صوّر غير الذي “مَنتج”، وبالتالي لم ينتبه لتغيّر شكل الكتب. تقنياً، يتم تسجيل الكلمة وتصويرها بكاميرتين عندما يكون الشخص غير قادر على قراءتها مرّة واحدة بشكل مباشر، فتُبدل الكاميرات (بكادرات مختلفة) كي لا يظهر الفرق للعلن. في المقابل، كان يمكن تصحيح الأخطاء بالمونتاج، لو استعمل مبدأ “Zoom in” بطريقة تظهر الفرق بالكادرات الخاطئة المستعملة خلال التصوير.