عندما قرأت ادعاء معالي الوزير غسان عطالله على ما كتبته في هذه الزاوية رغم انني لم اذكر اسمه، استحضرني قول مأثور لنابليون بونابرت يقول فيه “الكذب لا يفيد شيئاً فهو لا يخدع إلا مرة واحدة”.
رغم مرور أشهر، ما زلنا حتى اليوم مصعوقين بكلام وزير “المهجرين” غسان عطالله حين قال إن “بعض المسيحيين يخافون النوم ليلاً في الجبل! هذه حقيقة واقعٍ موجود في الشوف!”. وأدت جملته إلى شرخ بين المسيحيين والموحدين في الجبل، وتوالت الردود من كل الاتجاهات على معاليه، من دون أن يتحرك القضاء في وجه أصحاب الحصانة ومحاسبتهم على ما قيل حينها.
معالي الوزير، تصريحكم ألم “يثر النعرات الطائفية؟”
المفارقة أن الشعب اللبناني لم يلمس من الفرع الباسيلي في “الوطني الحر” سوى الخطاب العنصري والفئوي و”اثارة النعرات الطائفية”، ولسنا وحدنا من سجل ذلك، بل الجمهورية بأكملها انتفضت في وجه “النهج العنصري” المعتمد، وكم مرة ناشد النائب أنور الخليل رئيس الجمهورية لـ “منع أقرب المقربين إليه من التمادي في أعماله السلطوية الأحادية المخالفة للوحدة الوطنية”، وكم مرة وجّه رؤساء الحكومات السابقون تصريحاتهم حول سياسة رئيس تياركم؟ وكم مرة تكررت كلمة “عنصرية” تجاه سياستكم على افواه المسؤولين، من رؤساء سابقين ونواب ووزراء وقياديين وأحزاب، هل نسيتم يا معالي وزير “المهجرين” ما قاله الوزير باسيل عن رئيس مجلس النواب بأنه “بلطجي”، وكاد أن يتسبب بأزمة بين المسيحيين والشيعة.
ومن الشحار تحدث باسيل عن “استعادة العظام”، ووصل خطابه إلى حد توتير كل منطقة يدخلها وآخرها في الجبل، حيث انتهت زيارته بحادث أدى إلى سقوط ضحيتين وجرحى، واستكمل بتعطيل الحكومة.
وقبلها، مواقف عن السنية السياسية والحريرية و”الجثة المارونية”، نفاها متأخراً باسيل بعدما أدت إلى شرخ سياسي كبير وازدادت الأزمة بين السنة و”الوطني الحر”، فضلاً عن الاساءات التي وصلت إلى العالم العربي وخصوصاً السعودية. ولا يترك “الوطني الحر” مناسبة إلا ويظهر فيها عنصريته تجاه اللاجئين السوريين والفلسطينيين. وأكثر من 240 صحافياً وناشطاً دانوا “العنصرية في لبنان” وهاجموا “الهستيريا التي يديرها باسيل” في بيانهم. ولم تقتصر سياسة “التيار” على العنصرية بل حتى تجاه المسيحيين أنفسهم، إذ لم يعد كافياً أن يكون المسيحي مارونياً أو كاثوليكياً أو أرثوذكسياً ليثبت مسيحيته، بل باتت هويته المسيحية هي “بطاقة التيار”.
معالي وزير “المهجرين”، كل هذا ألم “يثر النعرات الطائفية”؟
عذراً معالي الوزير، فليحكم القاضي في ما نشر في مقالة لم تذكر اسمكم أو تقدح أو تذمّ بكم… وليحكم الشعب في سياستكم التي أعادت لبنان والمسيحيين إلى ما قبل الحرب.
معالي الوزير، قضيتنا في هذه الصحيفة هي الدولة اولاً واخيراً والدفاع عنها وعن سيادتها، والتزامنا واضح بحقوق اللبنانيين بعيداً من طوائفهم وسنكون تحت سقف القانون لكن هل انتم وتياركم السياسي تحت القانون؟ هل صحيح انكم لا تتدخلون في القضاء؟ وماذا عن تأمين الغطاء لقاضٍ طلبت هيئة التفتيش القضائي توقيفه عن العمل منذ اسابيع؟ واللائحة تطول وتطول…
معالي الوزير، نبش القبور والأحاديث عن حرب 1840 وسوق الغرب وضهر الوحش لا تبني وطناً ولا تستعيد حقوقاً بل تؤلّب اللبنانيين على بعضهم وعليكم ان تختاروا لبنان العيش الواحد وقبول الآخر او لبنان الانقسامات الطائفية والمذهبية والمناطقية؟