مع احترامنا وتقديرنا للأمير طلال ارسلان نرى أنه لم يكن دقيقاً في كلامه أمس الذي تناول قضيّة المبادرات التي طُرحت بهدف إيجاد حل لحادثة قبرشمون / البساتين والتي تركت تداعيات سيّئة على المستوى اللبناني عموماً وعلى أهلنا في الجبل خصوصاً… فلقد قال رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني إنّ ثلاث مبادرات رفضها وليد بك جنبلاط، والواقع أنّ الرأي العام اللبناني ينظر الى صورة المبادرة بنظرة مختلفة عمّا قال المير ارسلان:
أوّلاً- غداة الحادث المؤلم في البساتين الذي أسفر عن سقوط ثلاثة شبان لبنانيين بادر جنبلاط الى القول إنّه يحتكم الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي هو «بي الكل» معرباً عن استعداده للأخذ بما يرتأيه الرئيس…
والواقع أنّ هذه المبادرة لم تلقَ (في حينه) أي تجاوب من قِبَل الطرف الآخر الذي يمثله ارسلان.
ثانياً- بالرغم من التحفظ المبدئي الذي يسجله جنبلاط على القضاء العسكري (سواء عن خطأ أم عن صواب، فهذا السبب مدار بحثنا هنا) فإنه بادر الى الدعوة لإحالة الحادث المؤسف على المحكمة العسكرية، وذهب بعض المراقبين في حينه الى إظهار الدهشة من الموقف الجنبلاطي على اعتبار انه خطوة متقدّمة جداً تجاه المحكمة العسكرية.
ومعروف أنّ ارسلان لم يقبل بهذه المبادرة أيضاً، ولا يزال يرفضها حتى اليوم، وهو لم يتوقف عن إعلان رفضها في مختلف البيانات والتصريحات التي صدرت عنه، وفي إطلالاته المباشرة، وآخرها يوم أمس بالذات.
ثالثاً- المبادرة الثالثة التي طلع بها جنبلاط منذ مطلع الاسبوع الماضي واستمر ينادي بها حتى اليوم هي إحالة حادثة قبر شمون/ البساتين مع حادثة الشويفات الشهيرة المتهم فيها مرافق لأرسلان (متوارٍ في سوريا) على المجلس العدلي… أي إحالة الحادثتين معاً على المجلس العدلي، وهي مبادرة اعتبرت «نصف تراجع» من جنبلاط على أمل أن تلقى قبولاً من ارسلان في ما يسمّى «قبولاً غير مستحَب»، ولكن المير لم يوافق.
باختصار، ومن خلال ما تقدّم يتبيّـن أنّ ارسلان هو الذي رفض المبادرات، على الرغم من التفاوت في ما بينها… ومع ذلك لم يرتضِ أياً منها.
وأخيراً، نود أن نكرر اننا لسنا في موقع تأييد أي جانب من الطرفين، فقط نحن يهمنا الأمن في لبنان وفي الجبل بالذات، قدر ما تهمنا سلامة اللبنانيين مدركين بالتأكيد دقة وحساسية الوضع في الجبل، مناشدين القيادات كافة أن تعمل على التهدئة حقناً للدماء البريئة وحرصاً علىاستقرار هذه المنطقة التي كثيراً ما تنعكس أحداثها والتطورات على الوضع اللبناني عموماً.
ومن هذا المنطلق ندعو الى إحياء الدور المهم الذي يؤديه مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم في وساطته من أجل تجنيب الجبل المزيد من المواجهات العبثية، وتمهيداً للمصالحة.
عوني الكعكي