IMLebanon

من يحكم؟!

من موقع الممسك بكل الأوراق السياسية على الساحة الداخلية، من رئيس جمهورية، إلى حكومة له فيها الأكثرية إلى رئاسة مجلس النواب، وزع أمين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله في كلمته التي تطرقت إلى الشق اللبناني، التطمينات إلى كل الذين تساورهم الهواجس بأن لا مشكلة في البيان الوزاري للحكومة، تعيق الاتفاق عليه، ولا مشكلة في الوصول إلى صيغة غير صيغة قانون الستين في قانون الانتخاب وإن كان يفضل النسبية الكاملة، ولا خوف من أن يكون طموح حزب الله الامساك بالحكومة بعدما ضمن الاكثرية المطلقة فيها.

كلام الأمين العام التطميني، جاء تعقيباً على الكلام الذي قيل بعد تشكيل الحكومة عن انها حكومة 8 آذار بل حكومة حزب الله، لأن هذا التحالف حصد ببراعة الرئيس نبيه برّي 17 وزيراً من أصل ثلاثين، وبذلك أطبق بشكل كامل على الحكومة وعلى قراراتها، ولأن مثل هذا القول يعبر بدقة عن واقع التشكيلة الوزارية التي أبصرت النور أواخر الأسبوع الماضي، بعد مفاوضات شاقة استغرقت ستة أسابيع، وجد الأمين العام لحزب الله الوقت المناسب لا لكي ينفي أطباقه على الحكومة بل لكي يطمئن الذين ساورتهم الهواجس من سيطرة الحزب على السلطات الثلاث بأن هموم الحزب ليست في الداخل اللبناني وهو لا يرغب في الإمساك بالدولة حتى ولو تحقق له ذلك، وفق ما آلت إليه الأمور حتى الآن.

وهذا الواقع الجديد يفسّر الاهتمام الزائد لدولة ولاية الفقيه بلبنان بعد انتخاب العماد ميشال عون حليف حزب الله رئيساً للجمهورية، وبعد صدور مراسيم الحكومة الجديدة، وابتعاد موفديها الذين توالوا على لبنان، وسيتوالون مستقبلاً عن أي كلام استفزازي والتركيز على استعداد الحكومة الإيرانية للتعاون مع السلطات اللبنانية في كل ما من شأنه أن يُعزّز الأمن والاستقرار والإزدهار في لبنان.

أن تتعاطى الدبلوماسية الإيرانية مع لبنان بهذه الإيجابية، فذاك أمر طبيعي ومطلوب بعدما نجحت عبر حزب الله في وضع الدولة اللبنانية بكل سلطاتها الدستورية من رئيس جمهورية وحكومة ورئيس مجلس النواب، وأمنت من خلال هذا الامساك على ما تريده من لبنان في هذه المرحلة الدقيقة وفي المستقبل من التماهي الكامل مع سياستها في هذه المنطقة المسماة بالهلال الإيراني والممتدة من العراق إلى سوريا ولبنان. وإذا كانت إيران اعتبرت حزب الله قوة إقليمية بل تفوق قوته قوة العديد من دول المنطقة، فإنه جلّ ما يطمح إليه في لبنان، هو أن يصبح هذا البلد داخل الهلال الإيراني، وهذا ما أصبح في حكم الواقع بعد الإنجازات التي تحققت إن على مستوى رئاسسة الجمهورية، حيث ضمن وصول حليفه إلى قصر بعبدا أو على مستوى الحكومة حيث ضمن الأكثرية المطلعة داخلها أو على مستوى رئاسة مجلس النواب حيث أثبت الرئيس برّي صلابته في التحالف معه على السراء والضراء، وما تجربة تشكيل الحكومة التي أدارها بكل نجاح سوى خير دليل على متانة هذا التحالف.

لكن كل هذه التطمينات التي يوزعها السيّد حسن نصر الله لا تنفي ولا تلغي في أي حال من الأحوال انه أصبح هو الحاكم في لبنان.