IMLebanon

من قال إن الانقلاب فشل ؟..

من قال إن الانقلاب فشل ؟..

الفاشية الاردوغانية عنوان المرحلة

رب ضارة نافعة… أي عمل عسكري انقلابي، نجح أم فشل، هو فعل ضار في مفاهيم الثقافة العامة ولا سيما الغربية. وثار لغط واسع وكثيف بعد المحاولة الانقلابية في تركيا. ووصفها بالفشل كان عاماً من على لسان الرئيس التركي اردوغان، وفي بيانات الاعلام الرسمي والخاص في العالم، وصولاً الى موقف الخصم اللدود لاردوغان الداعية فتح الله غولن… ولكن من كان يتصور أن تلك المحاولة سيكون لها كل تلك الأصداء الزلزالية في العالم؟ ومن كان يظن أنها ستكشف الوجه الحقيقي للرئيس اردوغان وتسقط عنه كل الأقنعة المتتابعة دفعة واحدة؟!

***

كشفت المحاولة الانقلابية حقيقة ما كان يعده اردوغان في السر والخفاء، وتنفيذه على جرعات ولو كبيرة أحياناً بهدوء، وعلى مراحل زمنية مدروسة، بحيث تطمس لوائح التصفية الجديدة، ضجيج اللائحة التي سبقتها! ومن طبائع الحاكم المستبد في كل زمان ومكان الاستعجال والسرعة في تنفيذ قراراته وشهواته، وغالباً ما يدفع به بخار العظمة الى التسرع. ويتضح اليوم أن مشاعر الصدمة الى درجة الانبهات في العالم، من ردود فعل اردوغان على المحاولة الانقلابية، كانت أعظم بكثير من رد الفعل على المحاولة نفسها!..

***

الدفعة الأولى من التصفيات التي أمر بها اردوغان شملت أكثر من خمسين ألف شخص من القيادات في مواقع اختصاصها، مثل كبار الجنرالات والأميرالات والضباط في الجيش والدرك والشرطة، وأمثالهم في القضاء والوزارات والجامعات والمراكز الاقتصادية والمالية، وفي معظم مرافق الدولة وحواشيها… في سلوك لم يسبق له مثيل في أي مكان في التاريخ الحديث. وجرى ذلك في غضون أيام قليلة فقط، ويوحي سلوك اردوغان بأن موجة الغضب التسونامي الاردوغاني، ما هي الا البداية فقط!

***

اتبع اردوغان في البدايات قضم وابتلاع القيادات البارزة في معسكره الحاكم، وقرنها بحرب معلنة ولكن متدرجة على الخصوم، وفي المقدمة وأولاً، فتح الله غولن، وأنصاره في تركيا، وأعدادهم كبيرة وكثيفة هناك. ووجد اردوغان في المحاولة الانقلابية فرصة ذهبية لتسريع التصفيات العلنية الجماعية، وفي اعتقاده أنه حصل على العذر الشرعي للتصرف الشامل الانتقامي… أما اليوم فإن اردوغان يفتح حرباً جديدة ولا سيما مع العالم الغربي وبالأخص ضد أميركا وأوروبا.

***

كلما وسع اردوغان بيكار التصفيات في الداخل، توسع بشكل مضاعف بيكار المناوئين والمعارضين والخصوم المعادين له ولحكمه ولحزبه الاخواني الحاكم. وكشفت المحاولة الانقلابية الميليشيا السرية التي أنشأها اردوغان لحماية دكتاتوريته، وظهرت فظائعها على الملأ في الشارع، وتصرفاتها الانتقامية الداعشية! وهو سلوك يعكس العقلية الاردوغانية ومدرستها الخاصة ب القتل، أما بالدم والمشانق، واما بقطع الأرزاق! وهذا هو عنوان المرحلة الجديدة في تركيا ويمكن اختصارها بكلمتين: الفاشية الاردوغانية!

***

من قال إن المحاولة الانقلابية فشلت؟ هي على العكس، نجحت في كشف الوجه الآخر الحقيقي للنظام، وهو انجاز أعظم بكثير مما لو كانت نجحت عملانياً! والشعب التركي ليس قطيع غنم يسوقه الراعي اردوغان! والنتيجة ستكون لمصلحة الشعب التركي: اردوغان الاسلامي الشرير، يصفي غولن الاسلامي الطيب، ثم يتدخل الشعب ويتخلص من الاثنين معاً، ويعود سالماً الى قواعده العلمانية!..

من قال إن الانقلاب فشل؟!