إلى مَن يشكو أهالي بعلبك أمنهم وراحتهم؟ ومَن يحميهم من لغة الرصاص التي تطغى على كل الكلام، حتى أصبحت سمةً من سمات الرجولة المنقوصة، ومَن يتحمّل مسؤولية ما يحصل في المدينة من إستباحةٍ لأرزاق الناس وممتلكاتهم، ولماذا تقاذُف المسؤوليات بين الأجهزة الأمنية والأحزاب والنواب، وهل ينعم الأهالي بالأمن بعد سنوات من الوعود نفسها؟
تكثر الإجتماعات وتتداعى الفاعليات والهيئات والبلديات والنواب إلى الإجتماعات عند كل إشكالٍ أمنيٍّ في المدينة دون الوصول إلى نتيجة، وتُرمى الاتّهاماتُ تارةً على القوى الأمنية والجيش وتارةً أخرى على الأحزاب بحجة تأمين الغطاء السياسي للخارجين عن القانون، ويضيع معها المواطن البعلبكي الذي لا يلقى إلى الأمان والطمأنينة سبيلاً، غير أنه عاش استقراراً أمنياً ورخاءً إقتصادياً قبيل الإنتخابات نتيجة البرامج الإنتخابية الرنّانة والشعارات التي يُرجى لها التطبيق.
أكثر من خمس سنوات تعيش خلالها المنطقة تفلّتاً أمنيّاً تمثل بجرائم قتل وخطف وإطلاق نار، وفيما كان يقتصر على عدد من المطلوبين أصبح اليوم يتفشّى بين جميع العائلات والأفراد، كان آخره ما حصل فجر يوم الأربعاء من إحراق لمحلات في سوق بعلبك وإطلاق نار وإلحاق أضرار بممتلكات الناس الذين يعتاشون منها، غير أنّ حالات الترهيب هذه بقوة الرصاص أصبحت صفةً يوميةً ملازمة لجوّ مدينة بعلبك.
وفيما ينتشر الجيش اللبناني في أكثر من مكان على أطراف المدينة ويقيم الحواجز، ويسيّر دورياته داخل الأسواق والأحياء لم يسجَّل خلال اليومين الماضيَين أيُّ توقيف للفاعلين، وأشار أصحاب المحلات التي تضرّرت في سوق بعلبك الى أنّ الأجهزة الأمنية انتظرت أصحاب المحال للذهاب إلى المخفر لتقديم شكوى، وعند التقديم، تبيّن انّ أحد المواطنين من الذين تعرّض محلهم لإطلاق النار والخراب عليه محضر سير ما ضطره لدفعه كي يقدّم الشكوى.
رفع الصوت ودموع الناس على الواقع الذي تعيشه المدينة لم يحرّك حتى الآن ساكناً سوى وعود يأمل البعلبكيون أن تطبَّق، واجتماعات كان أبرزها الذي عقد في بلدية بعلبك بحضور عدد من نواب ووزراء المنطقة، وفاعليات المدينة والمخاتير وأصحاب المحال المتضرّرة.
استهلّ اللقاء العميد اللقيس، فقال: «لقاؤنا هذا لبحث موضوع المشكلات الأمنية التي تعاني منها مدينة بعلبك والمنطقة منذ سنوات، والتي تطوّرت حتى باتت تشكّل خطراً على حياة وأرزاق وكرامات الناس، وأصبحت بعلبك ساحة مستباحة كل أعمال الخلل الأمني، لذا نحن لا نريد مشاريع إنمائية وخدمات قبل ضبط الوضع الأمني، فالأمن والاستقرار هو الأساس لأيِّ مشروع تنموي وخدماتي».
واعتبر أنّ «تذرّعَ بعض القادة الأمنيّين بعدم توفر القرار السياسي من المسؤولين هو كلام مرفوض، لأنّ واجبات الأجهزة الأمنية التدخّل وفرض الأمن عند حصول أيِّ مشكل في بدايته وقبل تطوره، وإذا كان ضباط وعناصر قوى الأمن غير قادرين على توفير الأمن للمواطنين، فليتم نقلُهم ورصد قيمة رواتبهم ونفقاتهم للبلديات لتوفيرِ أمنٍ ذاتيّ تتولّاه الشرطة البلدية».
من جهتهم حمّل نواب المنطقة المسؤولية للأجهزة الأمنية والعسكرية حيث اعتبر النائب حسين الموسوي أنّ الجيش قادر على ذلك ولديه ضباط وعناصر أبطال وشرفاء، وكذلك قوى الأمن قادرة ولديها أبطال وشرفاء، ولكن لا يتوفّر لها القرار، فالأمن الداخلي من مهام قوى الأمن الداخلي، فيجب أن تعطى لها الأوامر للقيام بواجبها، فلا نعلم ما هو المانع الذي جعل قوى الأمن تقصّر في القيام بواجباتها كل هذا التقصير.
وأكد الوزير غازي زعيتر أنّ حركة «أمل» و»حزب الله» لا يؤمّنان الغطاء لأحد، فالتذرّع بالغطاء السياسي كذبة، لأن أكثر المتضرّرين من الوضع الأمني السائد في بعلبك الهرمل هما «حزب الله» وحركة «أمل»، ونقول مجدّداً للقوى والأجهزة الأمنية تفضلوا لاحقوا المجرمين المخلّين بالأمن فلا غطاء سياسيّاً على أحد، وعندما جرى الحديث عن خلوة أمنية طالبنا برفع العديد من حوالى 475 عنصراً في المنطقة إلى 3000 عنصر ولكن ذلك لم يحصل، يبدو أنّ الأولى أن يكون عناصر قوى الأمن الداخلي يرافقون عائلات الضباط والمسؤولين بدل قيامهم بواجبهم في توفير الأمن للمواطنين..
كذلك أكد الوزير حسين الحاج حسن أنّ أهالي بعلبك سوف يتّجهون إلى الخيارات السلبية في حال لم يتم وضعُ حدٍّ للفلتان الأمني. بدوره حمّل النائب علي المقداد مدير عام قوى الأمن الداخلي المسؤولية حول الإستنسابية في إعطاء تراخيص للآبار بحسب قوله ما يدفع ذلك لعدم الإستقرار.
وتحدث عامر الحاج حسن بإسم الأهالي قائلاً إنّ «ثقة أهالي بعلبك الهرمل تكتسبها القوى الأمنية عندما تتمكّن من فرض الاستقرار الأمني وتحمي حياة وسلامة المواطنين وأرزاقهم وممتلكاتهم.
وانضمّ إلى اللقاء رئيس فرع مخابرات الجيش في البقاع العميد علي عواركة، وجرى التداول بالخطوات العملية المطلوبة في ظلّ الوضع الأمني السائد.