IMLebanon

مَن يعتلي التنين  يقوده الى الجحيم !

أية دماء تهدر للأبرياء بضربات ارهابية تكفيرية أو غيرها في أي مكان على مدار الكوكب، هي لحظة وجع وألم للانسانية جمعاء، من برج البراجنة في بيروت والى مطلات ثقافية وحضارية في باريس. ومن طبائع هذا النوع من الارهاب المتعصب والمتطرف ويعود الى العصر الجاهلي بمفاهيمه وسلوكه، انه يفضح نفسه بنفسه عندما لا يجد مَن يعرّي أهدافه، أو يتعامى عنها ولو مرحلياً. وقد ظلت جرائم ومجازر داعش وأخواتها مغتفرة أو تستوجب غضّ النظر عنها، ما دامت تُرتكب على أرض عربية واسلامية، وتخدم أهدافاً ومصالح للغرب، آنية أو بعيدة المدى. وهذا الواقع الذي استمر لبعض الوقت أوهم بعض القادة في الغرب أن الوحش التكفيري قابل للتدجين، وانما لا ضير من علفه وتسمينه ما دام يأكل ويرفس في مقر اقامته، ولا يتخطى الحدود المرسومة له. وهي خدعة ساهم القادة التكفيريون بتعميمها لبعض الوقت ريثما يشتدّ عودهم…

انتهج الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند سياسة تدل على انه ابتلع الطعم، وغير مدرك لأعراضه الجانبية الخطيرة. ومثلاً، لم يتعرض الرئيس الفرنسي الى انتقاد جاد حول تبعيته لأميركا نظراً لفوارق الحجم والسطوة بين الدولتين. غير أن سياسة التزلف والمداهنة التي اتبعها في المنطقة من أجل حفنة من الدولارات، ووصلت الى حد التبعية في الشعارات والأهداف، لم تكن تليق بمكانة فرنسا وموقعها وتاريخها. فضلاً عن انها افتقرت الى العمق الاستراتيجي بعدم رؤيتها لابعاد الخطر التكفيري من المنبع الى المصب! ولعل الرئيس هولاند هو أول مَن استفاق على هول ما حدث، وعلى فداحة السياسة التي اتبعها وظنها فوائد دون تبعات أو مخاطر. وأحداث باريس أثبتت للقريب والبعيد أن مَن يركب التنين سيقوده أخيراً الى الجحيم!

ليس من الواضح حتى الآن ما اذا كان الرئيس الفرنسي هو وحده المخدوع بالنظرة الى الارهاب التكفيري، ولا يطال آخرين من القيادات في الغرب، أو حتى في الولايات المتحدة الأميركية. وما يدعو الى هذا التحفظ، ان التصنيف الارهابي الغربي اقتصر حتى الآن على داعش والنصرة دون سائر أخواتهما. واذا كان ثمة من لا يزال يعتقد في الغرب أنه توجد تنظيمات مسلحة داجنة في المنطقة، ولا تزال تطيع وتنفذ أوامر أولياء النعمة، فما ذلك سوى سلوك مرحلي الى أن يشتد عودها، فتفعل كما فعلت داعش من قبل، فتمسكنت حتى تمكنت! وكان في استطاعة الرئيس الفرنسي أن يتبع سياسة واقعية وحذرة في آن، مثل أن يتبع نظرية عدو عدوي صديقي، فيتعاون معه ولو مرحلياً للقضاء على الخطر الارهابي الداعشي الداهم… وبعدها فقط يتصرف بما يراه مناسباً، ويجري جردة حساب مع عدو عدوه اذا شاء!

ليست فرنسا وحدها مدعوة الى اعادة النظر بحساباتها، وانما على نطاق أوسع، باعتبار أن الفكر التكفيري وباء يهدد الانسانية جمعاء!