ما الذي يجمع الآتية أسماؤهم: جمال عبد الناصر، والملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود، وياسر عرفات، والشيخ زايد آل نهيان، وعمر المختار، وأحمد بن بلة، والملك محمد الخامس، ورفيق الحريري، وجميلة بو حيرد؟
خاض كل منهم معركة استقلال بلده، إما بقتال حكم احتلال، كما في فلسطين والجزائر والمغرب وليبيا، أو بمواجهة تحكم التخاذل العام، وهيمنة الاستعمار والقبول بالواقع المفروض، كحال مصر والسعودية ولبنان. وفي الحالات جميعا، كانت زعامة هؤلاء القادة تعبر عن إرادة الحرية والتقدم، لشعبها، وللشعوب العربية، عموما.
أما ما جمع بينها، فهو “مجلس الشباب العربي للتنمية المتكاملة”، وهو هيئة شبابية مستقلة، تسعى إلى أن تكون ناقلاً لهموم الشباب في المجتمع المدني العربي، وتعمل تحت رعاية – بلا إشراف أو تدخل – من جامعة الدول العربية. وقد افتتحت، في إطار نشاطها، “مهرجان الشباب العربي للثقافة والفنون والتراث” هذا الأسبوع في مقر الجامعة في القاهرة، ويستكمل في أسبوع في منتجع شرم الشيخ، بندوات يشارك فيها 500 من المفكرين والمثقفين والأدباء والفنانين والإعلاميين.
لافت في الأمر، أن يكون المنظمون ممن ولدوا في ثمانينات القرن الفائت، أي إن معرفتهم بالشخصيات المكرمة ليست لصيقة، ما يفضح حنينا لديهم إلى ما مثله هؤلاء في زمنهم. ولقد عرف عن المكرمين ترابط وطنيتهم بعروبتهم، والايمان بلا تعصب، وبالبحث عن دور لهذه الأمة، التي مهما كثر التشكيك في وحدة جذورها، فإن الوقائع تفرض اتحادها. ولربما عرف أيضا، أن علاقاتهم البينية لم تكن دائماً سمنا على عسل، لكن الاختلافات كانت في تفاصيل رؤية كل منهم إلى أفضل ما يراه لحرية شعبه، وعزة الشعوب الشقيقة.
لكن استذكار الماضي لا يأتي بمستقبل أفضل. فالاحتفال، يبقى مناسبة عابرة، إن لم يعقبه تفكّر معمق في ما يجب أن يكون عليه المستقبل، ورؤية متقدمة لعروبة طليعية، تغادر الذكريات والشعارات الرومانسية إلى العمل الجاد، على قاعدة المصالح المشتركة، والانفتاح على العصر، واحترام دولة القانون، وسيادة الدستور، باعتباره ميثاقا يولد بأبوة الجميع، في كل بلد.
كان عبد الناصر الإرادة التي افتقدت الخطة والأداة، وكان الملك فيصل القرار الذي يحمي الكرامة، فيما وظف عرفات السياسة والديبلوماسية مع القتال ليكون للمقاومة أكثر من درب، بينما الشيخ زايد، وبما تجنيه دولة الإمارات اليوم، كان النظرة الثاقبة المستشرفة بناء المستقبل.
كان عمر المختار “شيخ المجاهدين”، قاتل شبه أعزل إلا من ايمانه بحرية بلده، واطلقت ثورة بن بلة استقلال دول في العالم الثالث، وقبله فعل محمد الخامس، أما رفيق الحريري فجاء بـ”نسخة” جديدة لبناء الأوطان، بإرادة العمل، وبإعلاء التكامل العربي دربا لوحدة المصالح، وصولا إلى وحدة الشعوب.
إحياء الأمل أمر مهم، لكن الأهم من يضع الترجمة.