يمكن للتحقيق في كيفية تسرب «الفيديو» الى وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي والى الرأي العام والذي من المفترض انه كان محصوراً في اطار الشخصيات او العناصر الأمنية التي قامت بالإعتداء على سجناء المبنى «د» ان يصل الى نتيجة، ويمكن ايضاً ان يطول التحقيق ويتشعب لتعلن الحقيقة، ويمكن ايضاً ان حقيقة ما جرى ومن قام بتسريب الشريط ولأي غايات وفي اي توقيت وخدمة لأي جهة ان تبقى اموراً سرية لا احد يعرف تفاصيلها وماذا دار ببال الجهات المروجة لفيديو رومية والغايات الكامنة وراء نشر فيلم يعود تاريخه لأكثر من شهرين يوم حصلت المداهمة الشهيرة للسجن المركزي، فكل الافتراضات تجوز والتفسيرات لما حدث تقول مصادر متابعة، وكان يمكن ان يؤدي الى تطيير وزير الداخلية وربما الى اشعال فتنة مذهبية لا احد يعرف مداها وما ستسببه من دمار على الساحة الداخلية في ظل التوترات الحاصلة والتجاذبات الواقعة على خلفية انتصار حزب الله في جرود القلمون وطرده التكفيريين حتى بلدة عرسال والطوق الذي بات واضحاً على رقاب الارهابيين الذين يحتفظون بورقة العسكريين.
لكن انقشاع الرؤيا بعد الغيمة السوداء التي عبرت في سماء السراي الحكومي وتخطي محنة الفيديو بعد مسارعة رئيس تيار المستقبل الى لملمة الوضع داخل البيت المستقبلي وتبييض صورة وزير الداخلية التي هدرت الجماعات الارهابية والتيارات السلفية دماءه في شوارع وأزقة العاصمة والمناطق ذات الغالبية السنية، كما الزيارة على وجه السرعة لوزير العدل أشرف ريفي لنظيره من اجل تدارك الوضع ورفع تهمة التحريض على المشنوق من قبل ريفي، فان وضوح الصورة اظهر جملة معطيات لا يمكن تجاهلها بحسب المصادر، وهي أولاً ان فيديو رومية ارتد بالدرجة ألأولى على تيار المستقبل فظهرت الخلافات داخل البيت المستقبلي وقيادات الصف ألأول في المستقبل التي اصطفت في الخطوط الأمامية للمعركة لمواجهة وتصفية بعضها البعض، وارتد سلباً ايضاً على فرع المعلومات الجهاز الأمني المحسوب على تيار المستقبل والذي سعى التيار الأزرق الى تطويره وتحديثه ودعمه بقوة لخلق حالة توازن مع الأجهزة الأمنية ألأخرى التي تسيطر عليها قوى سياسية وطوائف اخرى.إلا ان المتضرر الأكبر من فيديو رومية كانت الخطة الأمنية التي نفذها وزير الداخلية في سجن رومية والتي تسعى الجهات الداعمة للارهاب والتي تغذيه لتقويضها.
وتقول المصادر المطلعة على ما يجري في السجن المركزي ان القيامة التي قامت على اثر العملية الامنية في نيسان الماضي لم تنته مفاعيلها بعد والفيديو الذي نشر في توقيت سياسي معين له دلالاته متسائلة لماذا جرى تجييش الرأي العام بهذا الشكل ضد الإعتداء على المساجين ولم يتصرف احد عندما كان يضرب سجانة رومية ويهددون بالتصفية مع عائلاتهم، واين هم المدافعين عن حقوق السجناء والذين يقبلون بإهانة عناصر وضباط السجن الذين كانوا يعيشون لحظات رعب يومية وحقيقية داخل اسوار السجن اثناء تأدية مهامهم قبل الخطة الامنية، وبدون شك فان تسريب الفيديو ضاعف المخاطر على العناصر الامنية كلها وجعلها في مرمى عمليات الاقتصاص من الارهابيين الموجودين خارج اسوار السجن.
واذا كان المتضرر الاكبر من التسريب هو هيبة الدولة والقوى الامنية المولجة بحراسة السجون وضبط الامن فيه، فان الحملة التي حصلت على فرع المعلومات والمشنوق وان جرى استيعابها ولملمتها تضيف المصادر، الا ان تأثيراتها ونتائجها تصب لصالح السجناء وارهابيي السجون لجهة اضافة بعض الامتيازات على اوضاعهم داخل السجون بشكل يوحي بان ثمة من يحاول اعادة امارة المبنى «ب» الى سابق عهده، وتؤكد المصادر ان وزير الداخلية سوف يجد نفسه محرجاً في عدم توفير الامتيازات التي يريدها هؤلاء السجناء في ظل الضغوط التي يرزح تحت وطأتها من جهة تيار المستقبل وهيئة العلماء المسلمين وكل التيارات التي تلتقي مصالحها مع مصالح الموقوفين انتخابياً وشعبوياً وطائفياً من جهة اخرى، والاجتماعات التي حصلت بين وزير الداخلية ومجموعة من السجناء على خلفية حادث الفيديو بينت ان هناك قراراً وضغطاً من بعض الجهات لتوفير خدمات كان يحظى بها الموقوفون في المبنى «ب» تشمل وسائل التواصل والاتصالات وفتح الابواب الداخلية للسجن ومطالب تصنف في خانة الامتيازات التي سيسمح توفيرها بفلتان السجن مجدداً واعادته الى سابق عهده وتشريع ابوابه للارهاب ليعود الموقوفين الخطرين بداخله للتواصل مع الخارج وقد ثبت ان هؤلاء كانوا المحرك الاساسي لعدد من العمليات الارهابية والجرائم التي حصلت في بعض المناطق اللبنانية.