IMLebanon

من سيُدافع عن المسيحيين في خضم المدّ التكفيري؟

في الحلقات المسيحية المغلقة وعلى مستوى دوائر القرار لديها ثمة سؤال واحد يكرر نفسه منذ غزوة عرسال وما تلاها من احداث وصولاً الى يوم الاحد الدامي في بريتال، وعنوان السؤال او الهاجس الاكبر هو «المسيحيون الى لبنان في خضم المد التكفيري الذي يضرب لبنان، من سيدافع عنهم وهم لا يملكون السلاح الذي فقد في الحرب الاهلية وما بعدها، والسؤال الاكبر بعدما حدث يوم الاحد الماضي في غزوة بريتال، ماذا لو لم يكن حزب الله جاهزاً لصد تسلل الارهابيين التكفيريين الذين هدفوا من معركة بريتال الى تحقيق اختراق ما ولفتح ممر آمن لهم الى الزبداني السورية هرباً من جنرال الصقيع والشتاء القارس، وللتسلل ربما من هذا المعبر لاحتلال قرى وبلدات بقاعية تتصل بعضها بالعمق المسيحي في البقاع او هي متاخمة له.

وفي الحلقات المسيحية ايضاً التي لا تجاهر علناً بما يدور في كواليسها او في غرفها المغلقة اما لعدم التسليم بامرها لحزب الله القوة العسكرية الأقوى على الساحة اللبنانية الى جانب المؤسسة العسكرية، واما خوفاً من الرأي المسيحي الآخر الذي «يكره» حزب الله او هو في مواجهة سياسية معه منذ سنوات، يدور نقاش عميق حول دور المقاومة اليوم في حماية لبنان من المسلحين الذين تمكنوا من السيطرة على مناطق اساسية في العراق وفي سوريا وحيث لم تتمكن جيوش نظامية من القضاء عليها بعد، وثمة شعور عام لدى بعض المسيحيين في هذه الحلقات وعارم بأن حزب الله في هذه المرحلة بالذات هو صمام الامان سواء اتفقت معه او اختلفت في الرأي او الموقف وسواء كان له الحق والشرعية للمشاركة في المعركة السورية.

ثمة من يقول ايضاً في هذه الحلقات ان بكركي ليست بعيدة عن هذا الرأي، فالصرح الذي فتح ابوابه مع وصول البطريرك الراعي لكل اللبنانيين ولقيادات المقاومة اولاً ولسفراء سوريا وايران وكل الدول بدون استثناء، فان بكركي التي تعيش في هذه المرحلة هواجس الحرب التكفيرية وما جرى للمسيحيين في الموصل ونينوى وما تم تهجيره من مسيحيين في سوريا وتدميره من آثار مشرقية في صيدنايا ومعلولا، فان فريقاً اساسياً في الكنيسة صار اكثر واقعية في التعاطي مع ملف التكفيريين واخطارهم واهوالهم، وباتت مقاربته لسلاح حزب الله مختلفة عن المرحلة الماضية، حيث تبرز الحاجة ملحة في هذا الوضع الخطير الذي يمر به الوطن الى حزب الله وسلاحه ونخبته ولاستراتيجيته العسكرية في مواجهة الفكر الاسلامي الارهابي والمتشدد، فلولا حزب الله بالنسبة الى فريق كبير من المسيحيين لا يقتصر على جمهور 8 آذار المسيحي لربما كان ارهابيو «النصرة» و«داعش» يتنزهون في جونية ويلهون على شواطىء المعاملتين وخليج جونية وفي وسط بيروت. فحزب الله الذي قهر اسرائيل وجيوشها، يدفع هذه المرة ايضاً الثمن في المعركة مع الارهاب من مقاتليه ونخبته تقول مصادر مسيحية، فيما القيادات المسيحية تستمر في اخطائها وفي حربها على السلاح الذي يبدو اليوم بامس الحاجة اليه.

وفي هذا الاطار فان الموقف الاخير للامانة العامة لـ 14 آذار تضيف المصادر فاجأ الكثيرين في الوسط المسيحي المعتدل في توقيته ومضمونه وكأن ما يحصل في عرسال وبريتال وفي السلسلة الشرقية لا يهدد امن كل لبنان او المناطق المسيحية في مرحلة لاحقة، او كأنه يحصل في كوكب بعيد عن الارض. وتسأل المصادر المسيحية ماذا كان ليحصل لولا ان حزب الله لم يكن في خط الدفاع الاول، وهل تدرك قيادات 14 آذار ان المسيحيين في البقاعين الغربي والاوسط لا ينامون في الليل او باتوا صورة تشبه حزب الله ويتعاونون معه من اجل حماية مناطقهم . للاسف ، تضيف الاوساط فان ما بدا مؤخراً يظهر ان الامانة العامة لـ 14 آذار تعيش في كوكب بعيد عن الارض، فهي تعاطت مع حدث بريتال من موقع من لا يعنيه الامر، وبمحاولة لتخفيف العدوان الارهابي وتبرئة الارهابيين من فعلتهم من خلال تجريم حزب الله وتحميله تبعات تدخله في المعركة السورية. وعلى ما يبدو فان احتلال داعش للموصل والعراق لم تجعل فريق 14 آذار المسيحي او جزء منه يعيد حساباته وقراءته السياسية او يعيد كتابة خطابه السياسي.