اكتشف دروز إسرائيل الوجه الحقيقي للدولة التي يعيشون في كنفها ويحملون هويتها ويخدمون في صفوف جيشها. فإسرائيل المستعدة للمجازفة بكل شي دفاعاً عن أي يهودي يتعرض للخطر، ليست مستعدة ولا بأي شكل من الاشكال لأن تفعل شيئاً لحماية اخوان الطائفة الدرزية من مواطنيها الذين يتعرضون لخطر محدق في سوريا من التنظيمات الإسلامية المتشددة.
لا يحتاج دروز سوريا الى حماية إسرائيل لهم، فهم قادرون على الدفاع عن وجودهم في هذه المنطقة التي لهم فيها جذور عميقة، ولن ينجح احد في اقتلاعهم منها. واذا كان تحرك الدروز في إسرائيل ردة فعل طبيعية وتلقائية تعبر عن الحجم الكبير لتضامن أبناء الطائفة الدرزية بعضهم مع البعض أينما كانوا، فان ردة الفعل الإسرائيلية الرسمية على تحركهم فضحت مرة اخرى كون إسرائيل ليست دولة لكل مواطنيها بل هي دولة اليهود قبل أي مواطن آخر، وان المكانة الخاصة التي أعطتها إسرائيل للدروز هي مجرد سياسة تهدف بصورة خاصة الى التمييز بين الاقليات والتفريق بينهم من اجل احكام السيطرة والتحكم بها وتأليبها بعضها ضد البعض.
كم يبدو صعباً على أبناء الطائفة الدرزية في إسرائيل مراقبة اخوانهم في الجانب السوري وهم يتعرضون للحصار والقصف، من غير أن يقدروا على ان يمدوا اليهم يد المساعدة. فسنوات الاحتلال الإسرائيلي الطويلة لهضبة الجولان لم تنجح في القضاء على عرى العلاقة الوثيقة التي تربط أبناء الطائفة الواحدة الذين لا يزالون على تواصل دائم في ما بينهم، ومن المؤلم اليوم رؤية معاناة اخوانهم واقربائهم من دون تقديم العون لهم.
لكن التعامل الإسرائيلي مع تحرك دروز إسرائيل كان فاضحاً بدءاً من القرار الذي اتخذه الجيش الإسرائيلي باعلان الجولان منطقة عسكرية كي يمنع التجمعات الدرزية بالقرب من السياج والذي سرعان ما تراجع عنه بعدما أدرك خطأه، مروراً باعلان مسؤولين عسكريين أن إسرائيل لن تستقبل لاجئين دروزا سوريين في أراضيها رغم انها في السنوات الماضية استقبلت مئات الجرحى السوريين واقامت مستشفى ميدانيا خاصاً للعناية بهم، وانتهاء بالحديث عن جهود إسرائيلية تبذل من وراء الكواليس للضغط على مجموعات المعارضة ومطالبتها بعدم التعرض للدروز مما يوحي بأن إسرائيل تملك شبكة علاقات مع هذه التنظيمات.
ان احتمال تعرض دروز سوريا لمجازر سيترك جرحاً هائلاً في نفوس دروز إسرائيل الذين يعتبرون محنة اي درزي في اي مكان من العالم محنتهم الشخصية والمتعلقين بطائفتهم والمتمسكين بقوميتهم العربية، والأكيد انه ستكون لذلك انعكاسات بعيدة المدى على موقفهم من الدولة الإسرائيلية.