Site icon IMLebanon

من يحمي لبنان من العقوبات؟

دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري هيئة المجلس الى الاجتماع تحضيرا لافتتاح عقد الدورة العادية، حيث سيتضمّن جدول الاعمال جلسة لانتخاب اللجان، ومن ثم يبدأ الحديث على «جلسة ضرورة» لإقرار قوانين مالية مطلوبة دولياً. فهل ستكون الملفات المطروحة مُقنعة بما يكفي لانعقاد جلسة تشريعية قبل انتخاب رئيسٍ للجمهورية؟

منذ التفجير الذي تعرّض له بنك لبنان والمهجر في فردان، انحسر الحديث على القانون الاميركي الجديد المتعلق بمكافحة تمويل حزب الله دولياً. وعلى رغم التكهنات، التي حوّلها البعض الى معلومات، لم تصدر في ايلول لائحة أميركية تشمل اسماء متهمين بخرق هذا القانون. وكانت الادعاءات ذهبت بعيدا في البناء على هذه اللائحة، والخطر الذي قد تتسبّب به للوضع المالي والاقتصادي في لبنان.

ومن خلال المؤشرات الحالية يمكن الجزم بأن هذه اللائحة لن تصدر في وقت قريب، واذا صدرت لن تكون فضفاضة، لأن المطلوب على هذا المستوى، عدم دفع حزب الله الى تهديد الوضع المصرفي برمته اذا استمر التضييق الأميركي عليه من خلال هذا القانون.

وقد تبين بما لا يقبل الجدل، ان من تراجع في هذه المشكلة لم يكن حزب الله، ولا المصرف المركزي ولا حتى المصارف التجارية الحريصة على علاقاتها مع المصارف المراسلة ومع الاسواق الدولية، بل واشنطن نفسها من دون الاعلان عن ذلك طبعا.

سبب التراجُع الأميركي واضح وصريح: حزب الله أخذ المواجهة الى مكان صار معه ضرب الحزب سيؤدي الى ضرب الاقتصاد اللبناني وانهياره، وبما ان الاقتصاد والأمن في لبنان هما خطان أحمران بالنسبة الى الولايات المتحدة الأميركية، فقد اضطرت الى الانصياع.

مناسبة هذا الكلام اليوم، ما يتردّد عن احتمال إقدام منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) على وضع لبنان على لائحة الدول غير المتعاونة، وفرض عقوبات مالية عليه، في حال عدم التزامه بمندرجات اتفاقية غاتكا لتبادل المعلومات الضريبية التي وقّع عليها، والتزم بموجبها سنّ قوانين تسمح ببدء تطبيق الاتفاقية في ايلول 2018.

وقد بات معروفا ان الوضع المالي في البلد لا يحتمل الخروج على المتطلبات الدولية، وأي عقوبات مهما كانت، قد تؤدي الى انهيار الوضع المالي، على اعتبار ان لبنان يُعتبر مركزا ماليا، وصمود اقتصاده يحتاج الى الاستمرار في هذا الدور.

القوانين المطلوبة لاثبات حُسن النية، لم تُقر بعد بانتظار انعقاد مجلس النواب. وفي الاسبوع المقبل يدخل المجلس في دورته التشريعية العادية، حيث ستبدأ التجاذبات من اجل تأمين انعقاد جلسة ضرورة، يتم فيها إقرار القوانين الحيوية، والتي من دون إقرارها يتعرّض البلد للخطر.

ومن ضمن الضرورات التي سيتمّ طرحها، مسألة القوانين اللازمة لتطبيق مندرجات غاتكا، وقضية تشريع رفع سقف الاستدانة لتأمين رواتب موظفي القطاع العام عن شهر كانون الاول المقبل.

هل يشكّل هذان البندان ضرورة فعلية تحتّم عقد جلسة تشريعية على غرار الجلسة السابقة في العام 2015، والتي أقرّت بموجبها قوانين مالية كانت مطلوبة دولياً؟

بات من المعروف ان لبنان يحظى بمعاملة خاصة، تستند الى حقيقتين: اولا، لأن الوضع السياسي الداخلي بات معروفا من الجميع، ولم تعد هناك شكوك في النيات بل في القدارت التي تحتاج الى وقت للتنفيذ على اعتبار ان فتح المجلس النيابي للتشريع ليس سهلاً! ثانيا، انه يتمّ التعاطي مع لبنان على أساس انه دولة مُعاقة ينبغي ان تؤخذ اعاقتها بالحسبان عندما يُطلب منها تنفيذ القوانين او الاجراءات الدولية.

واذا كانت الولايات المتحدة الأميركية نفسها، قد قدمت نموذجاً للعالم بضرورة التعامل مع لبنان بتسامُح وليونة، فمن البديهي ان بقية الدول شبه مُلزمة بالمعاملة نفسها.

أما موضوع الرواتب، وكما قيل سابقا، يمكن أن يلقى المعالجات بطرق مختلفة، حتى لو لم يلتئم المجلس النيابي للتشريع.

يبقى ان اتفاقية غاتكا تحتاج الى استعدادات واجراءات لم يتم اتخاذها بعد، لكي تأتي نتائجها ايجابية وليس العكس. وقد يتحوّل قانون تعريف المُقيم في لبنان الى مُنقذٍ لا بد منه، ليس لتجنُّب هروب رؤوس الاموال فحسب، بل أيضا لجذب المزيد من الثروات التي ستصبح مكشوفة اذا بقيت حيث هي ضمن الدول المنضوية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD).

أخيراً، السؤال ما زال مطروحاً: أين أصبحت التحقيقات لمعرفة هوية مُفجِّر فردان؟