IMLebanon

مَنْ سيقرأ «بيان الإنتصار»؟!

 

شكّلت معركة جرود عرسال منصة نجح «حزب الله» في استغلالها والإطلالة منها بصورة المنقذ وحامي الحمى بعد سنوات من أفول عنوانه المقاوم، بفعل معاركه المسلحة في الساحة الداخلية، والتي أسقطت سلاحه أكثر مرة في عيون اللبنانيين عطفًا على السقوط المدوّي لهذا السلاح يوم السابع من أيار 2008.

المتابع لتطورات المعركة، يلاحظ التسابق الحاصل على خطف المشهد الاعلامي والسياسي من قِبل «حزب الله» الذي اتّبع استراتيجية أنانية حرمت الجيش اللبناني من الإضاءة على نفسه وعلى دوره في هذه المعركة، حيث كان للتقارير الميدانية اليومية التي أعدّها الإعلام الحربي في الحزب الأثر الكبير في تسخيف بيانات الجيش وفي إظهاره مجرد شرطي مرور، الأمر الذي فتح شهية المراقبين على الكثير من التساؤلات والهواجس.

السبب الأساسي في هذا الخلل وهذه الهوة، مغالاة الحكومة اللبنانية بمنح الضوء الأخضر لهذه المعركة دون توقع تدابير وإجراءات «حزب الله» خلالها وهو ما شكّل هدية مجانية للحزب استغلها أفضل استغلال لإعادة تثبيت معادلة الجيش والشعب والمقاومة في التداول، فما كان منه إلا رفع راية الحزب الى جانب العلم اللبناني بعد تحرير كل جبهة من الجماعات المسلّحة في صورة تبعث على القلق الكبير ليس لأنها مشهد من مشاهد فرض الأمر الواقع فقط بل لكونها بداية الى مرحلة صعبة من خلط الأوراق وبعثرة هيبة الجيش والدولة.

التساؤلات المطروحة على الساحة اليوم، تتعلّق مباشرة بالوجه الذي سيطل على اللبنانيين معلنا الانتصار على الجماعات الإرهابية وقارئا بيانه فمن سيكون يا ترى؟

لا توحي مجريات المعركة بإمكانية إعطاء «حزب الله» هذه المهمة إلى قيادة الجيش اللبناني لا سيّما أن الحزب يعتبر معركة عرسال بالتحديد التزاما مقدّسا تجاه النظام السوري وراعيته إيران، كما أنها بنظره معركة تخص جمهوره المتعطّش إلى اي انتصار بعد سنوات من عودة شباب الحزب جثثا هامدة من المعارك السورية، هذا عدا طبعا عن الأسلوب الذي اعتمده الحزب خلال الايام الماضية عبر تصاريح نوابه ووزرائه الذين أحرجوا الجيش متحدثين بإسمه تقريبا.

هذه المعطيات لا تحسم الوجه الذي سيعلن بيان الانتصار في معركة عرسال لكنها تقريبا تستبعد الجيش اللبناني من هذه المشهدية ما يعني بشكل أو بآخر أن حكومتنا ستكون على موعد مع أشهر طويلة من التبرير والندامة لخطئها الكبير الناجم عن عدم استشراف ما هو بالأصل متوقع عند كل اللبنانيين.

بكل تأكيد، جيشنا يستحق أن يقرأ وحيدًا بيان الانتصار، والأكيد أكثر أن هيبة جيشنا كانت تستحق رويّة أكبر من قبل حكومتنا المتسرّعة!