ثبت بالبرهان القاطع ان الطبقة السياسية، او الجزء الاكبر من الطبقة السياسية، التي تدير اللعبة السياسية في لبنان منذ العام 2005، لا تقرأ في كتاب عنوانه «كيف تبني دولة»؟ بل هي مدمنة على تنفيذ مضمون كتاب «كيف تحول الدولة الى مزرعة»؟ وقد نجحت في هذا المجال نجاحاً مذهلاً، وما يشهده لبنان اليوم من خفة في مقاربة القضايا المصيرية، مثل محاربة الفساد او تشكيل الحكومات، تثبت ان الدستور اللبناني وضع على رف الغبار السميك واستبدل باعراف وسوابق، واحكام قبلية، ومفاهيم لا تركب على قوس قزح، وجميعها استعمل بضمان استمرار عمل المزرعة، واذا صدف ان عاد مسؤول الى وعيه وضميره في ساعة تجل، واعلن ان هناك من يغامر ويقامر بمصير لبنان، الا انه يتوقف عند هذا الحد، ولايجرؤ، وهو المسؤول، على مد الاصبع باتجاه من يغامر ومن يقامر بمصير لبنان.
اللبنانيون يعرفون، ان هناك احزاباً قد تملك القدرة على المناورة المحدودة، ولكنها لا تملك «الدعم» الكافي للحصول على ما تراه حقا لها، كالذي تملكه احزاب اخرى، وغير قادرة على عرقلة او تعطيل تشكيل الحكومة، ولكن هناك احزاب قادرة على العرقلة والتعطيل ساعة تشاء، وقادرة على الوقت ذاته، على حماية «مصالح» تيار المردة، وحركة «امل» وسنة المعارضة، واي حزب آخر او سياسي اخر يلجأ اليها، وهي جاهزة للتعطيل فوراً، ولو استمر لسنوات.
هذا الامر يحصل دائماً، والكل يعرفها، لكن «التقية المصلحية» تتقدم على ما غيرها، وهذه التقية، لا تفكر بيومها فحسب، بل بالغد الغريب وبالغد البعيد، وما دامت سياسة «عالسكين يا بطيخ» هي الغالبة، فلن تقوم قائمة لبنان، مهما رفع صوته الشعب اللبناني، والبطريرك الماروني بشارة الراعي واي حزب ما زال لبنان في قلبه.
***
في منتصف هذه الليلة، تخرج سنة 2018 من روزنامة الايام والاعوام، غير مأسوف عليها، لانها حملت الى اللبنانيين، او حملت، المآسي الكثيرة والكبيرة، التي اوصلتهم الى منتصف بئر الهاوية، بانتظار ان ينتشلهم مؤتمر «سيدر» بشرط ان تتشكل الحكومة، وتقوم باصلاحات مطلوبة.
من يدري، قد تتشكل الحكومة، ولكن الطبقة السياسية التي استمرأت المزرعة وتعودت على البقر الحلوب، هل تؤتمن على اموال «سيدر» التي هي دين اضافي في رقبة اللبنانيين؟
حتى لا اطيل الكلام، والناس «زهقوا وقرفوا» كل شيء، سأسجل فقط ما قاله لي زميل يتابع تشكيل الحكومة، عندما سألته هل ينتهي كل شيء اذا حلت عقدة الوزير السني، فاجاب «كبر عقلك عزيزي» لا حكومة قبل حل مشكلة الوزير الماروني، «الرئيس المكلف» مصر على المبادلة بوزير ماروني، ووزير الخارجية يصر على وزير ماروني اضافي، والاثنان يتقاتلان على تشليح القوات اللبنانية وزيراً مارونياً.
كل عام وانتم بخير في لبنان وليس في المهجر.