وماذا لو قرّر مئات الآلاف من اللبنانيّين أن يقاضوا حزب الله أمام القضاء وتقدّموا بإخبار عنه وعن أمينه العام حسن نصر الله وكلّ من يظهره التحقيق لارتباطه بإيران «حرباً وسلماً وارتهاناً لأوامر مرشدها «الخامنائي» وإعلانه بلسانه وفي أكثر من خطاب متلفز له ـ عبر شاشة وراء الشاشة ـ وسمعه كلّ اللبنانيّين يعلن أنّه مجرّد «جندي» في جيش الوليّ الفقيه، وأنّه وحزبه وباعترافه العلنيّ «أكلهم وشربهم وصواريخهم ورواتبهم» من إيران، وكلّ هذا ـ لو تنبّهت الخنسا أن المواد التي حشرتها في إخبارها تنبطق على أمين عام حزب الله ولا تنطبق على الدكتور سمير جعجع ـ تنصّ عليه مواد كثيرة في الدستور اللبناني تصل إلى حدّ اتهامه بالتآمر على لبنان وتقديم المصلحة الإيرانيّة على مصالحه وشعبه ودولته!
الإخبار الذي تقدّمت به المحاميّة مي الخنسا «ظاهراً» وربّما «حزب الله» باطناً، مهزلة قانونيّة، وتعمية حقيقيّة على خرق حزب الله للقرار 1701 بحفر أنفاق أكّدت اليونيفيل أنّها بلغت ثلاثة، ومن السخافة بمكان ادّعاء أن العدوّ الإسرائيلي هو الذي قام بحفر هذه الأنفاق، مع تحديد العدوّ بيوتاً بعينها في الجنوب اللبناني تصل هذه الأنفاق بالأراضي الفلسطينية المحتلّة في منطقة الجليل! «إنّو بركي العفاريت الزّرق حفرتها» مثلاً؟! وإذا كان العدو هو الذي قام بحفر هذه الأنفاق، فأين كان حزب الله الذي «طوش» الجميع بالحديث عن «جهوزيّته» و»عيونه المفتّحة» على العدوّ؟ أين كان الحزب الذي يدّعي ليل نهار أنه قادر على مفاجأة العدوّ، فقام الأخير بمفاجأته بأن «حفر ثلاثة أنفاق»، ومشى الحفر «من تحته» بحسب إخبار الخنسا الذي كشفت فيه ـ من دون أي أدلّة ـ أنّ «من يقوم بحفر الانفاق حالياً هو العدو الصهيوني»، هذا الكلام يعني أنّ الحزب حاليّاً دخل في وضع «يا شماتة أبلة طازة فيه»، ما هذا الاستخفاف بعقول اللبنانيين؟!
لا نعرف ما إذا كانت «الخنسا» تستمع إلى خطابات أمين عام حزب الله حسن نصر الله الذي سبق وهدّد عشرات المرات وفي خطابات علنيّة متلفزة بمفاجآت نقل المعركة إلى داخل إسرائيل؟ بالتأكيد لن ينزل مقاتلو الحزب هناك بالبراشوت ولن يلبسوا «طاقيّة الإخفاء»؟ ولا نعرف ما إذا كانت الخنسا «منتبهة» عندما قدمت إخبارها بحقّ الدكتور سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانيّة أنّه رئيس حزب لبناني حائز على ترخيص من الدولة اللبنانيّة، وأنّ حزب الله وميليشياه المسلّحة ـ ولا تستطيع هنا التلطّي خلف كلمة مقاومة ـ حزب لا يملك ترخيص من الدولة، وأنّ أكثر من نصف الشعب اللبناني يرفض سلاح هذا الحزب ويطالب الدولة بتنظيم استراتيجيّة دفاعيّة له، تسقط حال التفرّد بقرار «الحرب والسّلم» في لبنان؟!
ولا نعرف ما إذا كانت الخنسا تعرف أنّ الدستور اللبناني ينصّ على أنّ قرار الحرب والسّلم في لبنان يتخذّه مجلس الوزراء مجتمعاً، بحسب البند 5 من المادة 65 التي تنصّ على أنّ مجلس الوزراء منوط به اتخاذ قرار»تعديل الدستور، إعلان حال الطوارئ وإلغاؤها، الحرب والسلم، التعبئة العامة….»، وعليه يحقّ للبنانيين الرافضين لأجندة حزب الله الإيرانيّة من سوريا إلى العراق إلى اليمن مقاضاة الحزب وأمينه العام حسن نصر الله، ونائبه الشيخ نعيم قاسم، لأنّهم نصّوا وبالوثائق أنّ قرار حرب وسلم حزب الله في يد مرشد الجمهورية الإيرانيّة!
ولا نعرف أيضاً، ما إذا كانت المحامية مي الخنسا تعرف أنّ جزءاً من البيان الذي استخدمته لتبني عليه ادّعاءها صادر عن إجتماع كتلة نيابيّة تحمل اسم «كتلة الجمهوريّة القويّة»وهي ممثّلة في المجلس النيابي بخمسة عشر وزيراً، وممثلة في حكومة تصريف الأعمال بوزراء أحدهم هو نائب رئيس مجلس الوزراء، وأنّ هذه الكتلة النيابيّة احتفظت بهذا المنصب وبثلاثة وزراء في حكومة قيد التشكيل؟! عسى أن يخبرها جماعة حزب الله بهذه المعلومات، إلا إذا كان غرضها من هذا الادّعاء البحث عن «شهرة»تداول إسمها في وسائل الإعلام، لكنّها أسفرت عن تظهير حزب الله بصورة «اللي ماشية مياه العدوّ من تحته»؟!
وهنا، أتوجه إلى العزيزة الدكتورة شانتال سركيس الأمين العام لحزب القوات اللبنانيّة والدائرة القانونيّة في حزب القوّات لاتخاذ إجراء قانوني واضح بحقّ المحامية مي الخنسا لأنّ إخبارها يُهدّد السّلم الأهلي ويحرّض على معاداة شريحة كبيرة قدّمت للبنان وبقائه خدمات جليلة ودافعت عنه يوم لم يكن هناك من يدافع عنه، ولأنّ إخبارها يثير النعرات الطائفيّة، فليس في لبنان «شهداء بسمنة وشهداء بزيت»، والدكتورة سركيس تعرف أنّه إذا قرّرت القوات اللبنانيّة الردّ على هذا الادّعاء «المهزلة» هناك مئات آلالاف من اللبنانيّين مستعدّين لاتّخاذ صفة الادّعاء الشخصي على حزب الله وأمينه العام بتهمة تعريض اللبنانيّين وأرواحهم وأرواح أبنائهم وأرزاقهم ووطنهم ومقدّراته وبناه التحتيّة لأخطار كبرى ومميتة، واستدراجه العدوّ لشنّ حرب مدمّرة على لبنان لمخالفتهم الصريحة لنصّ الدستور اللبناني بأنّ مجلس الوزراء مجتمعاً فقط يحقّ له اتّخاذ قرار «الحرب والسّلم»، وأنّ استمرار حزب الله بالتفرّد برهن هذا القرار لمرشد الجمهوريّة الإيرانيّة، يُعرّض لبنان لأبشع أنواع الحروب والقتل قد تصل إلى حدّ الإبادة!
مهزلة..بكلّ ما للكلمة من معنى، «عن جدّ..اللي استحوا ماتوا»!