ملف النازحين السوريين الذي احدث شرخاً عامودياً داخل الحكومة عندما نوقش في مجلس الوزراء يوم الاربعاء الماضي لازال يتفاعل خارج مجلس الوزراء بشكل حاد بما يثير المخاوف على الانسجام الوزاري الذي مازال تحت رعاية التسوية على انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية والتي تعززت بعد الاجتماع الذي عقد تحت رعاية رئيس الجمهورية في بعبدا قبل اقل من ثلاثة اسابيع واعطى دفعاً قوياً للحكومة بعدما كانت تترنح بسبب الخلاف المستحكم بين اعضائها على الأولويات.
في المقلب الاول صعّد حزب الله عبر أحد وزرائه محمّد فنيش موقفه المطالب بالتفاوض مع الحكومة السورية من اجل عودة النازحين الى ديارهم بصرف النظر عن تحفظات رئيس الحكومة ووزراء «القوات اللبنانية» على هذا الطرح، معتبرا ان نظام بشار الاسد ليس بحاجة الى الانفتاح اللبناني عليه لتثبيت شرعية لان معظم الدول كما قال تتسابق فيما بينها للاتصال به والتحادث معه، ما يؤكد من جديد ان حزب الله ولاسباب ترتبط بمصالحه المستقبلية لا يزال مُصرا على التفاوض مع النظام السوري لايجاد حل للنازحين السوريين الذين كما يقول هو وحلفاؤه في قوى الثامن من آذار تحولوا الى قنابل موقوتة قد تنفجر في اية لحظة وتدخل البلد كله في قلب العاصفة، ويضغط على رئيس الجمهورية الذي لا يزال يتمسك بتفاهم مارمخايل ليأخذ الامر على عاتقه في حال ظل مجلس الوزراء عاجزاً عن ايجاد صيغة للتفاوض مع النظام السوري ويكلف مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم للقيام بهذه المهمة بالنظر الى خبرته الواسعة وتجربته الناجحة في هذا المجال.
وفي حال استمرت تحفظات الفريق الآخر فإن الحزب سيواصل الضغط عليها للوصول الى النتيجة التي يبتغيها وهي التفاوض مع النظام السوري سواء بشكل مباشر او عبر وسيط دولي قد تكون الامم المتحدة او اية دولة غربية كما فعل هو عندما تفاوض مع العدو الاسرائيلي عبر الحكومة الالمانية لاستعادة الاسرى اللبنانيين في السجون الاسرائيلية.
مما لا خلاف حوله ان قضية النازحين السوريين تعتبر هواجس كثيرة عند معظم اللبنانيين لان الدولة اللبنانية تبقى مهما تلقت من مساعدات عاجزة عن الصمود في وجه ما يساوي نصف عدد سكان لبنان الذين بأكثريتهم الساحقة يعيشون في لبنان في حالة مزرية وهم بذلك يشكلون قنبلة موقوتة يمكن ان تنفجر في اية لحظة وتطيح بكل الاستقرار الامني الذي ما زال ينعم به لبنان، وقد كشفت العملية الاستباقية التي قام بها الجيش في عرسال كم ان مخيمات اللاجئين السوريين تحولت الى حاضنة للتطرف والارهاب الداعشي وكل انواع واشكال الارهاب، وهذا ما من شأنه ان يشكل اوراقاً قوية في يد حزب الله لممارسة مزيد من الضغط على الفريق الآخر الذي لا يزال يرفض فتح اي قنوات مع النظام السوري المعزول عربياً ودولياً ويتمسك بسياسة النأي بالنفس وبالتضامن الحكومي، وهو لن يتراجع عن هذا الموقف المبدئي مهما كانت حجج حزب الله ما يعني ان عصر الانسجام الحكومي بات مهدداً بالانفراط وان البلاد على ابواب ازمة قوية قد تطيح بالحكومة وبالتسوية التي انتجتها مع ان لا احد من اللبنانيين يرغب ويتمنى في الوصول الى هذه الحالة، الا اذا كانت مصالح حزب الله الاقليمية والمحلية تحتم ذلك.