Site icon IMLebanon

مَن فاز في جونية؟

في قراءةٍ سياسية أوّلية استناداً الى ما توافر من الأرقام والنتائج، يمكن القول إنّ المعركة في جونية كانت «شرسة وحامية الوطيس» والمنافسة شديدة ومتقاربة، بحيث لم تتّضح النتيجة حتى ساعات الصباح الأولى، وأظهرت وجودَ خروقاتٍ من جهة وفارقٍ بسيط بعشرات الأصوات بين اللائحتين. وفازت اللائحة المدعومة من «التيار الوطني الحر» برئاسة جوان حبيش مع خرق غير محدَّد بدقة بعد.

تجاوز العماد ميشال عون في جونية قطوعاً إنتخابياً- سياسياً وأفلت من خسارة محتملة كادت أن تصبح محققة، وبدا عون في نظر البعض كما لو أنه ارتكب خطأً تكتيكياً عندما اندفع في عملية تسييس المعركة ونزل بثقله السياسي وقاد شخصياً الحملة مع العميد شامل روكز، في حين لوحظ غيابٌ تام لرئيس التيار الوزير جبران باسيل.

وهذه المعركة نفّذها عون تحت وطأة هاجسٍ تحكّم به بأن تكون جونية «كميناً رئاسياً» نُصب له لإلحاق هزيمة إنتخابية كافية به لإضعاف فرصه الرئاسية أو ما تبقى منها.

وبالتالي فإنّ نتيجة جونية أعلنت الفوزَ الرقمي الحسابي للائحة المدعومة من عون ولم تُعلن الانتصارَ السياسي له، فالذي يسجّل صوتاً واحداً إضافياً عن منافسه في انتخابات اختيارية أو بلدية في ظلّ نظام أكثري، يكون ربح.

وعلى رغم ذلك، كان الفارق ضئيلاً جداً من أوّل عملية الفرز التي بوشرت بعد إقفال صناديق الاقتراع الساعة السابعة من مساء الأحد حتى ساعات الصباح الأولى من يوم الإثنين.

ففي مدينة يقترع فيها ما يزيد عن 16 الف ناخب، الفائز بـ 40 صوتاً أو بسبعين، عليه أن يدرس ويحلّل بجهد كبير، وكذلك الخاسر. والجدير ذكره، لم يحدث أن رافق عملية الفرز في جونية وربما في لبنان كله، ذلك الإبهام والغموض الكبير على مدى ساعاتٍ طويلة.

في الحسابات الخاصة بفريق «لائحة التجدد- مسيرة عطاء»، نتائج غير مرضية في منطقتين تُعتبران رافعتين للائحة هما حارة صخر معقل عائلة افرام وغادير معقل عائلة البون. ماذا حدث؟ أسئلة باتت أجوبتها واضحة لدى الفرقاء المعنيين وهي التي ساهمت في عدم تسجيل اللائحة 18 – 0.

وخارج كلّ ما حكي عن مالٍ إنتخابي وإتهامات من لائحة «جونية التجدد- مسيرة عطاء» للائحة «كرامة جونية»، وخارج إطار إذا ما كان سيُصار الى طعن أم لا. وخارج إطار إذا كان الأربعة الذين خرقوا لائحة كرامة جونية سيبقون أم سيستقيلون. يبقى السؤال مَن فاز؟

مَن فاز؟ لأنّ مَن كان ينافس ليس أفرقاء محليون. نزل الى الساحة بالمباشر زعيمٌ وطني ومعه كلّ طاقمه السياسي الحزبي. نزل عون الى عاصمته الانتخابية. الى المنطقة التي له فيها 5 نواب. نزل بذاته بقده وقدوده. نزل العميد روكز، ناجي الحايك. وأتى من بيروت الوزيرالسابق نقولا الصحناوي المقرّب من باسيل يوم الانتخاب حاملاً رسالة واحدة: لا مجال لأيّ عونيٍّ أن يصوّت لخارج لائحة «كرامة جونية».

كانت التعليماتُ واضحة وصارمة جداً جداً، نزل العماد تحت شعارات المكنة الانتخابية المحلية لصون الوجود المسيحي وبرنامجها إحداث خليّة عمل لتحصين الوجود المسيحي المشرقي؟ وطريق بعبدا لا تمرّ من جونية. حول هذه العناوين تمحور الكتائب والأحرار…. لكن في مواجهة مَن؟

في المعلومات الدقيقة: للّحظة الأخيرة ظلت القنوات الإعلامية للتيار تبث أنّ القوات تركت حرّية الاختيار لمناصريها. للّحظة الأخيرة بقيت أعلام القوات تُرفع أمام بناء لائحة «كرامة جونية».

القوات اختارت الصمت. أصدرت بياناً داخلياً تشير فيه أنّ لها خمسة مرشحين على لائحة جونية التجدد. طبعاً قرارها كان الوقوف الى جانب نعمة افرام. وطبعاً قرارها كان عدم مواجهة التيار بأيّ شكل. حرصت على عدم السماح بأيّ تصريح علني لأيٍّ من قياديّيها أو حتى مرشحيها خارج هذا الإطار. فماذا حدث؟

مما لا شك فيه أنّ عوامل عدة أدّت الى عدم نجاح لائحة التجدد 18 – 0. عواملُ خلخلة في أداء مفاتيحها في حارة صخر وغادير وأيضاً في صربا. رغم أنها سجّلت رقماً مفاجئاً جداً في عرين جوان حبيش في ساحل علما.

لكن ما أدّى الى عدم النجاح الكاسح لها والمضمون حكماً كان من جانبين: جناح التيار الذي لم يكن مؤيّداً لكلّ تلك العملية منذ البداية، لكنه وقف في الصف أخيراً في ترجمة صريحة لقرار كبير من عون نفسه بنزول نقولا الصحناوي من بيروت الى جونية وهو غير المعروف من أحد في جونية.

والقوات التي يبدو أنها وقفت طبعاً الى جانب افرام، والتي خافت على تفاهم معراب ويبدو أنها معنية به أكثر من التيار، والتي يُقال إنّ اتصالاً بالخط الأحمر تمّ ما بينها وبين الرابية السبت قبيل الانتخابات… فتحفّظت في الصناديق.

في القراءة السياسية: عون كان ينازل في جونية فريقاً مجهولاً. افرام ليس خصمه ولا البون ولا الخازن وبالطبع ليس القوات. عون نازل نفسه لأسبابٍ لا أحد يعلمها حاملاً شعاراتٍ كبيرة جداً جداً وتكاد تكون إقليمية في انتخاباتٍ بلدية. وكانت النتيجة أنه خسر.

ربح بفارق 40 أو 70 صوتاً وربما يُعاد من جديد احتسابُ الأصوات وربما يتمّ الطعن، في منطقة هو زعيمها السياسي ونائبها الى جانب 4 ومعه حليفه في تحالف معراب؟!

كيف سيقرأ خصومُ عون النتائج؟ كيف سيقرأ المستقلّون المسيحيون المحلّيون منهم وعلى الصعيد الوطني؟ وكيف ستقرأ القوات هذه النتائج؟ هل يجوز للجنرال أن يحوز في جونية بين 4 و50 من الأصوات؟! وضدّ من؟