فعلها الجنرال بعد ان هدد وتوعد بالنزول الى الشارع وكادت الأمور تتطور أكثر لولا السيناريو والإخراج اللذان جريا في مجلس الوزراء على وقع تظاهرات الشارع، وفي المحصلة ليوم الغضب العوني ثمة الكثير من الكلام الذي يقال حول ما جناه التيار الوطني الحر من مكاسب من تحركه وفي تحديد الرابحين والخاسرين في يوم الغضب العوني تماماً كما كان حال المراهنين على عدم صوابية التحرك والمشككين فيه او المؤيدين والداعمين له. فيوم الغضب العوني الذي مر على سلام يمكن قراءة ما حققه كما تؤكد اوساط سياسية متابعة بانه جاء لمصلحة التيار الوطني الحر الذي استطاع ان يثبت انه قادر على فرض شروطه مجدداً على اللاعبين وانه يرفض استغيابه وان ما حصل قبل يوم الخميس ليس كما بعده وبان التيار البرتقالي المعروف بسلميته قادر ان يخوض لعبة الشارع على غرار كل القوى والتيارات السياسية الأخرى. وباستثناء القليل من الاحتكاك الذي حصل على الأرض مع الجيش، يمكن القول ان التحرك حصل كما اراد وخطط المنظمون في التيار الوطني الحر وحصد المعطيات الآتية :
– ثبت ان هناك من يجرؤ ان يقول «لا» في وجه الطبقة السياسية الفاسدة وانه ممنوع المس بعد اليوم بحقوق المسيحيين الدستورية والسياسية والاستئثار بالسلطة على حساب بقية الطوائف.
– يمكن القول ايضاً ان التيار تمكن ان يحافظ على هويته ووجهه السلمي رغم بعض الاشكاليات التي وقعت كما في كل تحركاته السابقة ورغم كل محاولات التشويش والحملات التحريضية للمستقبل على تحركه والتلويح بمواجهة سنية – مسيحية وشارع سيجر شارعاً وفي الواقع فان السلطة السياسية ارتاعت من تحرك الشارع وإلا لما كان حصل ما حصل في مجلس الوزراء وتراجع رئيس الحكومة فارجئت الجلسة الحكومية الى ما بعد الفطر المبارك.
– ان البروفا العونية والنزول يومين الى الشارع اديا الى تثبيت معادلة «الأمر لي» في الشارع اذا اقتضى الأمر وبان التيار الوطني الحر قادر على انتزاع ما يريد بقوة الشارع واسقاط الحكومة إذا لزم الموضوع في حال لم تستجب مطالبه.
– ان عون لم يتراجع عن قرار النزول الى الشارع واكمل معركته حتى النهاية لاستعادة الحقوق المسلوبة مثبتاً انه لا يمكن استفراد التيار وعزله ويفترض العودة الى الشراكة والتوافق لحكم البلاد.
– الحكومة او رئيسها تحديداً اكثر المتضررين من التحرك العوني، فالحكومة امام مأزق في حال عدم التوافق على آلية لمجلس الوزراء وستجد نفسها بعد انقضاء المهلة امام حلين فاما التعطيل او الاستقالة.
– كشف التحرك الذي قام به التيار نيات الأخصام والحلفاء ايضاً واحجامهم وقدراتهم وحساباتهم مع التيار، فحزب الله لم يتأخر في الموقف والدعم قبل التظاهرة وبعدها برفضه تهميش عون وحزبه واثبت فشل المراهنين على تخليه عن حليفه بحجة انشغالاته بالحرب على الارهابيين.
– ان رئيس المجلس نبيه بري بدا المناور الأكبر في كل ما حصل بصمت وزيري بري في جلسة مجلس الوزراء ووقوفهما في وضعية الوسط بين رئيس الحكومة من جهة وحليف الحليف.
– ظهر ان رئيس الحكومة في حسابات التيار لا يختلف عن تيار المستقبل في العداوة والخلاف السياسي مع الرابية، فان وقائع الجدالات والسجالات في مجلس الوزراء في رأي العونيين جعلت الرئيس تمام سلام بمصاف الخصم السياسي الكبير للعونيين.
– نجح سمير جعجع في تحييد نفسه عن كل ما جرى متسلحاً بورقة النيات التي جعلته لا يهاجم التحرك العوني بدون ان تشارك القوات في التظاهرة وتكتفي على غرار رئيس المجلس بالتفرج من بعيد بدون الانزلاق الى المتاهات وتفاصيل المشهد.
في التقييم ايضاً فان ما يشبه التعادل في نتائج المواجهة تضيف الاوساط حصل بين المستقبل وسلام من جهة وبين التيار من جهة ثانية، وعلى قاعدة تأجيل المواجهة لانتاج تسوية ما بعد عيد الفطر، فلا رئيس الحكومة ظهر بشكل المهزوم بعد امساكه بزمام الامور في الجلسة وتوبيخ الوزراء العونيين، ولا التيار ظهر منكسراً وفي صدد التراجع عن مطالبه وحقوقه، في حين ان المستقبل خرج محرجاً وتم تظهير صورته بانه مغتصب حقوق المسيحيين، وهذه الصورة ستحشر رئيس المستقبل الذي ظهر في خضم الاحداث الارهابية بانه يقود الاعتدال ونبذ الارهاب ويتطلع الى الشركة في الوطن، وفي التقييم الايجابي لمصلحة التيار يظهر كما تقول الاوساط ان التيار اثبت جهوزيته عندما تحين الساعة للمواجهة وانه قادر على النزول الى الشارع وشد العصب العوني، وان الرابية التي طرحت مبادرات كثيرة في المرحلة الاخيرة من استطلاعات رأي الى مبادرات رئاسية الى الفيدرالية فان مطالب عون الجديدة تقوم على اقرار قانون جديد للانتخابات بعدما ضاقت الأفق الرئاسية فميشال عون يتطلع قبل التعيينات الأمنية والانتخابات الرئاسية المستحيلة الى قانون انتخابي يعتمد النسبية وهذا ما سيسبب إحراجاً لقوى سياسية كثيرة لا يمكن ان تقف ايضاً ضد هذا المطلب.