Site icon IMLebanon

من يربح في العراق العبادي أم سليماني؟

بدا واضحاً في الأسابيع الماضية أن صراعاً حاداً قد بدأ في العراق بين رئيس حكومته الدكتور حيدر العبادي وقائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” الإيراني الحاج قاسم سليماني المُكلَّف من قيادته العسكرية ومرجعيته الدينية الإشراف على حركة حلفائه في الشرق الأوسط وتحديداً في العراق ولبنان وسوريا. هذا ما أشارت إليه وسائل إعلام كثيرة في بغداد وعواصم عربية وإقليمية ودولية عدة. وهو ما أكَّده مركز أبحاث عربي جدّي بعد قيام العاملين فيه بحركة اتصالات واسعة داخل العراق وخارجه، ووثّقه في تقرير مهم ومفصَّل لا بد من وضع أهم نقاطه في متناول القرّاء. وإذا وجد فيه أي من طرفي الصراع العراقي شيئاً من النقص أو بعضاً من التجنّي فإن باب التوضيح سيكون مفتوحاً أمامه.

ماذا يتضمَّن التقرير المشار إليه؟

يتضمَّن أولاً سرداً لثلاث حوادث حصلت بين السلطة في بغداد ممثلة بالعبادي وبين الجنرال الحاج سليماني وحلفائه العراقيين. الحادث الأول حصل بعد إعطاء رئيس الحكومة تعليمات للسلطات المختصة في مطار العاصمة لتفتيش طائرات إيرانية كانت تهبط فيه بحمولتها من الأسلحة المخصصة سواء للجيش النظامي السوري التي كانت تُنقَل إلى طائرات عراقية لإيصالها إلى سوريا الأسد، أو لـ”الحشد الشعبي” العراقي الذي يواجه “داعش” بدعم وتوجيه من طهران. ونُفِّذت التعليمات فعلاً في منتصف شهر آب الماضي، إذ طوّقت قوات عراقية طائرة إيرانية وفتّشتها رغم وصول ديبلوماسيين إيرانيين إلى حرم المطار ومسؤولين في “الحرس الثوري” الإيراني. علماً أن وصولهم حال دون اكتمال تنفيذ الإجراءات.

والحادث الثاني حصل في أثناء اجتماع انعقد في 20 آب بعد عودة رئيس الوزراء العراقي السابق ونائب رئيس الجمهورية حالياً نوري المالكي من زيارة لطهران بعد قرار خلفه إقالته وآخرين من مواقعهم الجديدة، وإحالته إلى المحاكمة بسبب اتهامات له بالفساد وبالمسؤولية عن سقوط الموصل في يد “داعش” قبل أكثر من سنة، وبعد حصوله على تأكيدات في طهران أن أحداً لن يتعرَّض له أو أنها لن تسمح لأحد بذلك. وقد ضم الاجتماع إضافة إليه رئيس الحكومة العبادي وأعضاء في “التحالف الوطني” الذي يرأسه وزير الخارجية إبرهيم الجعفري والسيد مقتدى الصدر وشخصيات شيعية أخرى. إلا أن الذي فاجأ العبادي عند دخوله قاعة الاجتماع كان وجود الحاج سليماني بين الحاضرين. والذي فاجأه أكثر كان ما قاله الأخير والحِدَّة في لهجته وموجزه “إن الإصلاحات التي يريد رئيس الحكومة تنفيذها ستحقق نتيجة واحدة هي إضعاف شيعة العراق وخدمة الذين يريدون إلحاق الأذى به”. وسأل الحاج رئيس الحكومة: “كيف تهدّد المالكي؟ وما الذي فعله غير محاربة أعدائنا؟ وهل تشاورت مع الحاضرين الآن وغيرهم قبل تقريرك الخطوات الإصلاحية؟ أنت لا تستطيع أن تفعل شيئاً من دونهم. كيف تتصرَّف منفرداً؟ حتى إنك لم تتشاور مع حزبك (“الدعوة”) ولا كتلتك السياسية – النيابية ولا حكومتك في قراراتك؟”.

طبعاً لم يقاطع أحد سليماني في أثناء كلامه، وحده المالكي هزّ راسه موافقاً مرات عدة. وعندما انتهى سأله العبادي: “هل تتكلم بالنيابة عن الحكومة الإيرانية أم إنك أعطيت آراء شخصية”؟ أجاب: إنه “يتصرف بصفة شخصية وبوصفه مستشاراً لقوات “الحشد الشعبي” العراقية”. ردّ العبادي مؤكداً “إن القرارات التي اتخذها هي الجولة الأولى فقط من إصلاحاته وستعقبها ثانية وثالثة لأن هذا ما يريده الشعب العراقي وما تريده المرجعية الدينية في النجف (آية الله السيد علي السيستاني). وليس لأحد الحق في وقف ذلك”. وأشار إلى أن “وجود سليماني في الاجتماع غير مُبرَّر”. وقال: “إذا حضرت لإبلاغ رسالة فقد فعلت وحصلت على جوابي. وأنا على استعداد للتخلي عن كل شيء لكنني سأتمسّك بثقة الشعب والمرجعية. هذا موقفي لك ولكل الحاضرين هنا”.

طبعاً غادر سليماني الاجتماع عندها، فتحدث المالكي مؤكداً دعمه القرارات الإصلاحية، ومشيراً في الوقت نفسه إلى أن الهدف من اللقاء كان إبداء بعض الملاحظات والتحفظات. ثم تحدّث الصدر داعماً العبادي ومؤيداً خطواته.

أما الحادث الثالث فله علاقة بالقوات الأميركية إذ اعتبر أحد قادة “الحشد الشعبي” أن الأخير هو القادر وحده على تحرير الأنبار لا أميركا. وأظهر ذلك وجود توتُّر في العلاقة بين “الحشد” وبين الأميركيين.

هل يستمر هذا الصراع؟ ومن يربح فيه المالكي أم سليماني؟