الى أين يمكن ان تصل الوحشية عند “داعش” وهل هناك نهاية لاستعراضات القتل المروّع التي كان آخرها أول من أمس شريط قتل الطيّار الأردني معاذ الكساسبة حرقاً؟
لقد شاهدنا طلاّب الكلية الحربية في الموصل يُعدمون على يد التنظيم بمنهجية بربرية غير مسبوقة: رصاصة في الرأس وإلقاء الضحية في النهر الذي غلب فيه الدم على المياه، وشاهدنا الصحافي جيمس فولي في بداية مسلسل الذبح، وشاهدنا صور الاعدامات والصلب وها نحن نشاهد شريط الحرق المرعب.
وسواء كان الشريط صحيحاً كما أراد “داعش” ان يوحي في تعمّده تعميم استراتيجيا الذعر التي يبثّها، أو كان مفبركاً وان الطيار الأردني قتل في وقت سابق كما اعلن الأردن، فالسؤال لم يعد الى أين يمكن ان تصل حدود القتل، بل الى أين يمكن ان تصل حدود التراخي والتخاذل عند الذين اعلنوا الحرب لوقف “داعش”؟
إننا نتحدث عن اربعين دولة في الائتلاف الدولي ضد الارهاب الذي تقوده أميركا، أميركا التي سبق لها ان دمّرت جيش صدام حسين في تسعة ايام ودمّرت “القاعدة” و”طالبان” في افغانستان في أقل من ثلاثة اسابيع، وهي أميركا التي يردد المسؤولون فيها الآن ان القضاء على “داعش” يحتاج الى ثلاث سنوات وحتى الى عقد من الزمن، ولكن في خلال ثلاث سنوات يمكن ان تصل فصول الذبح الذي شهدناه في جنوب لندن والذي نشهده في باريس الى حدائق البيت الأبيض!
بعد ذبح الصحافي جيمس فولي سمعنا كلاماً نارياً لباراك اوباما سرعان ما تبيّن انه مفرقعات صوتية، وقرأنا تصريحاً لافتاً للجنرال الاميركي المتقاعد من سلاح الجو ديفيد ديتبولا الذي شارك في اجتياح افغانستان يقول: “يجب القيام بحملة قصف مكثّفة وان استخدام القوة الجوية يجب ان يكون أشبه بعاصفة وليس برذاذ مطر، يجب ان تكون عملية شاملة على مدى اربع وعشرين ساعة طوال ايام الاسبوع”!
لكن شيئاً من هذا لم يحصل ومن الواضح بعد سبعة أشهر على قيام الائتلاف الدولي، ان ليس هناك استراتيجيا واضحة للحرب، ولطالما قال أوباما إن واشنطن وحلفاءها في صدد وضع هذه الاستراتيجيا، لكن العمليات بطيئة ومتعثرة، ومن الواضح ان أوباما لا يريد ان ينهي عهده ناقضاً ما قاله في بدايته من انه ضد دخول أميركا في حروب جديدة!
لكنها في الواقع ليست أقوالاً بل حسابات عميقة تجد ان القتال بين المسلمين يخدم المصالح الاميركية، ويخدم المسار التقسيمي للمنطقة، والدليل ان انتصار البشمركة ممكن وعجز ٤٠ دولة مستمر، لكنه في النهاية قتال ضد مختطفي الاسلام الذين يشوّهون صورته كما قال العاهل السعودي الراحل، ولهذا أعود تكراراً الى القول إن قتال “داعش” مسؤولية إسلامية في الدرجة الأولى.