عاد الارهابي الفار من وجه العدالة احمد الاسير الى تغريداته السابقة مهدداً ومتوعداً وجديده هذه المرة تركيزه على معركة عرسال والهجوم على «الصليبي» ميشال عون ليس لشيء إلا لأن زعيم الرابية تقول مصادر مسيحية، قرر ان على الدولة اللبنانية والمؤسسة العسكرية ان تحسم الوضع في عرسال وتطرد التكفيريين من الجرود بعد تنظيف الجوار المتاخم في القلمون واسترجاعه من المسلحين، وهذا الهجوم من قبل الأسير ان دل على شيء فعلى ازمة التكفيريين الذين منيوا بهزيمات متكررة وانكسارات والذين فشلت مخططاتهم باحتلال لبنان وطرد الأقليات منه وعلى ان جزء من مخطط الأسيريين وارهابيي «داعش» و«النصرة» كان بإلحاق الوضع المسيحي اللبناني بما جرى في الدول الأخرى.
فالوضع المسيحي هو دائماً محط سؤال، وتتعدد السيناريوهات الافتراضية بعد طرد الاشوريين من ارضهم في سوريا وبعد مأساة مسيحيي نينوى وما تقوم به «داعش» من محو للحضارة والثقافة المسيحية في البلدان والمناطق التي سيطرت عليها. فالمخاوف واقعة من احتمال انتقال العدوى الى لبنان، تضيف المصادر، وان يصيب المسيحيين في مرحلة ما، ما اصاب هؤلاء المسيحيين بعدما تحول لبنان الى اكبر تجمع او التجمع الوحيد لمسيحيي الشرق. المخاوف تصبح اكثر واقعية عندما تتكشف التحقيقات مع الارهابيين الذين وقعوا في قبضة الاجهزة الامنية عن نوايا «داعشية» كانت موضوعة لاحتلال قرى وبلدات مسيحية وشيعية في البقاع لضرب المعنويات اللبنانية وتسجيل اختراق بعدما عجز المسلحون وفشلوا في مشروع امارتهم الاسلامية الموعودة لبنانياً.
وإذا كان ما يفكر فيه الارهابيون لا يعدو كونه اضغاث احلام ضائعة بعدما تكبدوا خسائر واضحة في كل محاولاتهم من عبرا الى طرابلس وعرسال، فان السؤال الذي لا بد منه هو كيف سيواجه المسيحيون الخطر التكفيري وهل بات لديهم خطة واضحة لمحاربة «داعش» و«النصرة»، هل يملك المسيحيون السلاح الذي يملكه الآخرون في الوطن وذلك الذي في حوزة الخصم الارهابي الزاحف الى مناطقهم بعد محاولة غزوة رأس بعلبك والمحاولات المتكررة التي تستهدف القرى والبلدات المسيحية المتاخمة للجرود؟ هل سيكون مصير المسيحيين وهم يسمعون ترداد معزوفة الشرق بدون مسيحييه شبيهاً بمصير مسيحيي سوريا والعراق، وبالتالي هل من تشابه او ان هناك اختلافاً جوهرياً ما بين مسيحيي لبنان واخوانهم في المناطق المهجرة؟؟….
ليس سراً ان زيارة الموفد البابوي مؤخراً الى لبنان حملت الكثير وبحسب المصادر، من هذه الهواجس وان الفاتيكان لم يعد يقبل بعد مرور عام على الفراغ في بعبدا بغياب الرئيس المسيحي عن الرئاسة وسط كل المتغيرات. ورغم ذلك وكل المخاوف ترى ان ما يحصل للمسيحيين وما كتب من مخططات للشرق الاوسط الجديد لا تصح لبنانياً لأن طبيعة لبنان وتنوعه الطائفي من جهة اضافة الى القرار الداخلي بالوحدة لدرء الارهاب وابعاده ساهما ومن شأنهما ان يشكلا السد المنيع لعدم سقوط الوطن، واذا كان المسيحيون رواد المقاومة يخضعون لاختبار جديد هو اختبار «داعش» ومشتقاتها، ولكن تماماً كما في الحرب اللبنانية استطاع المسيحيون ان يحافظوا على وجودهم وتجذرهم في لبنان ويسقطوا كل المخططات والسيناريوهات.
الحقيقة الثابتة تؤكد المصادر، ان المسيحيين في لبنان شأنهم شأن الطوائف الاخرى لم يعودوا على الحياد بل اصبحوا في قلب المعركة ويكادوا يصبحون ربما وجهاً لوجه مع الارهاب في مرحلة لاحقة، ولا يبدو ان المسيحيين كما توحي اجواءهم بوارد التسليم بامرهم للمجموعات التكفيرية خصوصاً عندما يكون المسيحيون مهددون بانتمائهم الديني وهويتهم فلا احد حينها يمنعهم عن الدفاع عن انفسهم. حالياً لا يملك المسيحيون السلاح المناسب لقتال «داعش» انما سلاح فردي محدود الفعالية لاستعماله دفاعاً عن النفس خصوصاً في المناطق البقاعية التي يمكن ان تكون مسرحاً لتسلل «داعش». هذا السلاح الفردي مدعوماً بقوة الجيش وتعزيزاته وتحصيناته وبوجود حزب الله في التلال والجرود المتاخمة يبدو كافياً في المرحلة الحالية، لأن الجيش وحزب الله كفيلان بردع مسلحي «داعش» في المرحلة الراهنة كما ان معركة القلمون وسيطرة حزب الله على التلال والمواقع الاستراتيجية المنفذة الى عرسال قللت من الخطر على القرى البقاعية…
إلا ان التراخي والخلاف السياسي حول الحسم السريع في عرسال لطرد فلول المسلحين التكفيريين واسترجاع العسكريين المختطفين لدى «داعش» يبقى الثغرة الوحيدة التي يفترض ان تجد الحل السريع والفوري لترييح الوضع اللبناني كله، بحسب المصادر، خصوصاً ان المعركة في عرسال بعد السيطرة في القلمون اصبحت بالمفهوم العسكري رابحة لمصلحة لبنان. وفي حال تنظيف عرسال من التكفيريين ومعالجة الجرود فان الوضع اللبناني سيكون دخل نقطة الحسم المريح، ويمكن القول ان لا خطر فعلي وحقيقي يتهدد مسيحيي لبنان بعد ولا يمكن في لبنان تكرار المشهد العراقي والسوري مسيحياً لعدة اعتبارات لسبب عدم وجود بيئة حاضنة للارهاب من جهة بعد حوار المستقبل وحزب الله من جهة وبعد جهوزية الجيش والمقاومة من جهة ثانية، ولان الدولة اللبنانية على تجاذبات وخلافات اركانها إلا انها قوية والجيش متماسك مع قيادته واثبت انه قادر على ردع الارهابيين ومنعهم من التسلل وافشال مخططاتهم بعكس الجيوش العظمى في المنطقة التي سقطت بسرعة امام بطش داعش في مؤامرة واضحة المعالم.