الرئاسة» تنبش ملفات علاقة بنشعي ـ الرابية
لماذا يصرّ عون على تجاهل الخطة «ب»؟
لعل أهم ما أنجزه الخطاب الأخير للامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله هو انه لاقى استحسان كل من العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية وقواعدهما، في آن واحد، بعدما فعل التنافس الرئاسي فعله بين الطرفين الحليفين.
على ضفاف بحيرة بنشعي، يسود «سلام داخلي» طال انتظاره بعد فترة من الشد العصبي. أنصار تيار «المردة» يشعرون ان نصرالله أعطاهم في خطابه ما يستحقونه وينتظرونه، وبالتالي أعاد الاعتبار اليهم بعد محاولة تشويه صورة زعيمهم، وهذه المرة على أيدي بعض الحلفاء المفترضين قبل الخصوم.
لا يجد مناصرو فرنجية صعوبة في استخراج الإيجابيات من كلام نصرالله، وأولها انه لم يعترف بترشيح فرنجية وحسب، بل كرسه ترشيحا جديا ومنافسا عندما قال إن هناك مرشحين جديين اثنين هما عون وفرنجية. وثاني الايجابيات انه لم يكتف بعدم إعطاء اي إشارة مباشرة الى ضرورة انسحاب رئيس «المردة» وإنما لَمَّح الى ان الانسحاب وحده لا يحقق فوز الجنرال بالرئاسة، إضافة الى تبرئته ساحة فرنجية من كل الاتهامات التي وُجهت اليه مؤخرا من قبل سياسيين ومحللين محسوبين على «8 آذار».
وأبعد من التفسيرات السياسية، يتوقف أنصار «المردة» مليا عند قول نصرالله لفرنجية بأنه «نور عينيه»، لافتين الانتباه الى انه توصيف غير مسبوق في تاريخ العلاقات بين الحلفاء، وان فائض العاطفة الذي انطوى عليه هذا التعبير يتجاوز بكثير أي حسابات سياسية.
لكن زاوية الرؤية تختلف من الرابية. بالنسبة الى «التيار الوطني الحر»، أعاد الخطاب في لحظة سياسية ملتبسة تأكيد خيار الحزب بدعم ترشيح عون، «ولو على قطع رقابنا»، وهو موقف يكتسب أهميته البرتقالية هذه المرة من توقيته، كونه أتى بعد تفاهم معراب الرئاسي الذي اعتبره البعض بمثابة اختبار محرج لمصداقية الحزب وحقيقة نياته حيال ترشيح الجنرال.
بهذا المعنى، فان الاهم قياسا الى معايير «التيار»، هو ان «السيد» لم يتردد في تجديد الالتزام الرئاسي القاطع مع عون، وبالتالي طمأنة قواعده الشعبية التي تعرضت مؤخرا لتشويش متعمد، بهدف التأثير على «تفاهم مار مخايل» الشهير. كانت رسالة نصرالله واضحة وحاسمة، وهي رسالة موجهة بالدرجة الاولى ـ وفق احد قياديي التيار ـ الى فرنجية ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، «اللذين كان كل منهما يفترض، انطلاقا من موقعه وحساباته، بان التزام نصرالله حيال الجنرال ليس جذريا».
وإذا كان فرنجية يبدي استعدادا للانسحاب متى وافق عون على اعتماد الخطة «ب» التي تمر في بنشعي إذا تعذر وصوله الى الرئاسة، فان أوساط «التيار الحر» ترى ان هذا الطرح بات عمليا خارج «الخدمة السياسية»، وان كل أحرف الابجدية أصبحت بعد تفاهم معراب وخطاب نصرالله مصبوغة باللون البرتقالي.
وتشير الاوساط الى ان التجارب مع فرنجية تُظهر انه لا يطرح مبدأ الخطة «ب» إلا بنية ضرب الخطة «أ» وإجهاضها، وليس لتحضير بديل موضوعي عنها، لافتة الانتباه الى انه اعتمد هذا التكتيك في انتخابات الرئاسة عام 2008 وكذلك مع طرح اسم العميد شامل روكز لتولي قيادة الجيش حين أعلن عن دعمه له من دون ان يمانع في التمديد إذا استحال التعيين ما ضرب الشق الاول من المعادلة، وصولا الى الاستحقاق الرئاسي الحالي عندما انتظر حصول اتفاقه مع الرئيس سعد الحريري حتى يدعو الى التزام عون بالخطة «ب».
وتلاحظ أوساط «التيار» ان فرنجية ينتقل من خط دفاعي الى آخر، محاولا بكل الوسائل تعطيل ترشيح عون، إذ أكد بداية دعمه ترشيح الجنرال ووقوفه الى جانبه من دون شروط، ثم تحول الى مرشح تحت شعار الخطة «ب»، وبعدها أعرب عن استعداده للانسحاب من المعركة الرئاسية إذا أعلن جعجع عن دعم الجنرال، فلما تحقق ذلك، انتقل الى ربط انسحابه بحصول عون على تأييد الحريري، ولاحقا قد يتقدم بشرط آخر في حال بدل الحريري موقفه.
وتشدد الاوساط على ان عون كان مقتنعا بحق فرنجية التلقائي والطبيعي في ان يكون المرشح الثاني، على قاعدة انه حليف استراتيجي وشريك سياسي، وهذا كان بمثابة خيار طوعي للجنرال.. أما ان يصبح «إلزاميا»، فهو أمر لا يمكن تقبله.