Site icon IMLebanon

لماذا عون هادىء «ورايقة معو»؟!

تحت جناح الصراع على الاليات الحكومية وفق نظريات غير متطابقة ينتظر العونيون وانصار العماد ميشال عون وحلفائه هذا الوقت المستقطع على قلته لاحاطة بزعيمهم بشكل محكم وكأنهم في طور تحضير بدلة الرئاسة للجنرال الصامد على مقولة: «اما انا او لا رئيس» ويزيد من هذه الحياكة والخياطة تعبيد لطريق الرابية – بعبدا، وكأن شيئا ما او حدثا قد وصل الى الرابية ينبئ بالاتي من الفرج للتيار الوطني الحر. وبالرغم من شح المعلومات المؤكدة حول هذا الفرح في عيون العونيين نوابه ووزراء وانصار فان ما حصل خلال اليومين الماضيين اضفى على حديقة الرابية تفتحا للزهور قبل اوانها، فالجنرال حسب زائريه مرتاح ومغتبط لمسار الاحداث محليا واقليميا ودوليا وتبدو على محياه روح الشباب يضاف اليها قوة ذاكرته ورؤيته للامور ويقول هؤلاء ان بلوغ العماد عون سن الثمانين اعطاه دفعا معنويا ان لم يكن كالسابق فهو اقوى في الوقت الحالي، ويلاحظ هؤلاء حركة متمايزة في الرابية توازي بدينامياتها وصوله الى بيروت في العام 2005، ولكن بدون تعميم فلا حس ولا خبر ولا تصريح او تلميح في هذا الاطار فالرجل حسب هؤلاء اكثر خبرة في التجارب المؤذية وهو ليس في الموضع الصحيح كي يتأذى مجددا، هو صبور «رايقة معو» الى الحد الذي يبدو وكأن مفتاح بعبدا في جيبه، ولا يستطيع هؤلاء الزوار ملاحظة الفرح او الخيبة على وجه الجنرال، هو عادي الى حد بعيد لا تتملكه غرف البخار وليس محبطا الى حد ملاحظة الزائر لكن هناك اجماع انه يمتلك شيئا من مكونات رئاسة الجمهورية والعارفون يمكن اختصارهم بشخص وحيد والبقية تحاول لملمة ما يقع من غمزات هنا او هناك او ضحكة غير معتادة للجنرال للبناء عليها.

هل من جديد يعطي هذا المشهد المزيد من البلورة؟

اوساط سياسية متابعة لا تتوقف فقط عند احياء عيد الجنرال في بيت الوسط مع الرئيس سعد الدين الحريري، انما السؤال لماذا العيد هناك، ومن الذي نصح الحريري باقامة هذه الحفاوة التي يمكن ملاحظتها وفق حدين، ولكن في مطلق الاحوال فان العلاقة ما بين الحريري وعون يمكن وصفها حسب هذه الاوساط بالاحترام المتبادل بعد خريف وشتاء كانت قد شهدتها، الا انه انطلاقا من عام مضى وفي باريس بالتحديد يمكن ملاحظة تبدل في رؤية الحريري نحو الجنرال، ان لم يكن في الجوهر والاساس امكن تأكيده على الاقل في الشكل، وما بعد السنة وخلو سدة الرئاسة بقيت العلاقات قائمة ما بين السيد نادر الحريري والوزير جبران باسيل، والرجلان الشابان ما زالا في مقتبل العمر ويمكن التأسيس على النضوج السريع لديهما وهذا امر ظاهر للقيام بما هو اكبر من عمرهما الزمني: التحضير لرئيس جديد للجمهورية؟ الاول لا يتحدث والثاني كيفما تسأله يجيبك عن البرازيل والمكسيك، ثمة حقيقة يمكن ان تقال ان نظرة الرئيس الحريري للعماد عون قد تبدلت وهذه واقعة يتذكرها الجميع وقطعت قلوب البعض منذ زمن ليس ببعيد نسبياً وكاد المحظور ان يقع آنذاك.

وتلفت الاوساط السياسية المتابعة الى ان الحريري يبدو في هذه الاونة اكثر تشدداً من ذي قبل حول ضرورة انتخاب رئيس جديد للجمهورية بالسرعة اللازمة بعد اشهر من الفراغ القاتل بات يطال الحكومة ومجلس الوزراء ومسألة الخيار لديه تستلزم الكثير من اللقاءات وتهيئة الارضية بعد ان قطع الحوار العوني ـ القواتي مشواراً لا بأس به ويمكن التعويل عليه اذا ما طال مسألة رئاسة الجمهورية وهذا ما يسهل مهمة الحريري الى حد كبير بالرغم من عدم بوح الدكتور سمير جعجع باسم ميشال عون كمرشح يمكن ان ينفذ من خلال ورقة التفاهم بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر.

ولا تنفي هذه الاوساط ان هذا الحوار سحب اكثر من ورقة اساسية من بعض ايدي الاحزاب المسيحية الاخرى واذا ما سيطرت الطوباوية على فريقي الحوار وتم محو الماضي نهائياً من الذاكرة والشارع يمكن الشروع بطرح ومناقشة مسألة «عون او لا أحد»، ولكن هذه الاوساط بالرغم من اشارتها ان لتيار المستقبل مرشحاً وللرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط مرشحا آخر الا ان بقاء الوضع على هذا الجمود القاتل اصبح ضاراً حتى لرئاسة الحكومة بالذات التي لا يريدها الحريري ضعيفة خصوصاً وان طرح اسمه يبقى عنواناً لراحة البلد وطمأنينة الناس، واذا ما بقي التجاذب السعودي ـ الايراني على ما هو، وهذا هو المقدّر في هذه الآونة، فان مسألة تقاسم السلطة في نهاية الامر في لبنان ترسم خريطة مشتركة للتفاهم على القواعد المعمول بها بشكل عام في معظم مراحل الصراع ليس في لبنان فحسب انما في مختلف النزاعات، وهذه القواعد سوف ترسم التالي: اذا كان رئيس الجمهورية من قوى الثامن من اذار او التيار الوطني الحر فان رئاسة الحكومة هي في حكم المؤكد من حصة قوى الرابع عشر من آذار والعكس صحيح. اما استمرار الوضع كما هو فسوف يزيد البلد اهتراء واهتزازاً على كافة الصعد وهذا ليس من مصلحة اي فريق مهما كابر وناور.

هذه المشهدية الجديدة المرافقة لعودة الرئيس الحريري الى بيروت ثم مغادرته، لا يمكن لها الا ان تثمر ضبضبة للوضع الحكومي والمجلس النيابي تمهيداً لمناقشة جدية في رئاسة الجمهورية، ولكن هذا الأمر لن يحدث غداً ويتصدى له الحوار الاميركي ـ الايراني الذي سوف تكون لتداعياته الكثير من المتغيرات..و تأخذ لبنان بدربها.