Site icon IMLebanon

لماذا يعتصم المتقاعدون العسكريون اليوم؟

 

… ونفّذ المتقاعدون العسكريون أمس في العاشر من أيار 2019 وقفة احتجاجية في وسط بيروت، شاركت فيها غالبية المجموعات التي جمعت حراكهم الديمقراطي السلمي، والذي نشأ منذ بداية العام 2017، قبل وأثناء دراسة سلسلة الرتب والرواتب، وامتدّ بعدها ليشكل اليوم نقطة مفصلية في تاريخ المتقاعدين العسكريين، تضاف الى سجلّ ومسيرة تضحياتهم خلال خدمتهم العسكرية.

 

نعم، هذه الوقفة الاحتجاجية للمتقاعدين العسكريين أمس، نستطيع أن نقول وبكل فخر، إنها تضاف الى مسيرة خدماتهم وتضحياتهم وليست دخيلة أو متعارضة أو مخالفة لهذه المسيرة، لأنها تشكّل حلقةً أساسية من مسلسل العمل والعطاء والتضحيات الذي طالما عاشته هذه الفئة من العسكريين.

 

وقفة هؤلاء المتقاعدين العسكريين اليوم تتوّج مسيرتهم في النضال لأجل وحدة الوطن وكرامته، لأنها أتت لتُذَكِّر الدولة بأنّ كرامتها من كرامتهم، ولتقول لها: «عيبٌ عليها أن تُجبِر مَن أفنى عمره مدافعاً عن وجودها وعن وحدتها وعن قراراتها، لكي ياتي اليوم مرغماً، ويقف معتصماً بوجهها وبوجه قراراتها الجائرة.

 

معظم هؤلاء العسكريين المتقاعدين المعتصمين اليوم هم بوضع الاحتياط، وما زالوا مدرَجين على لوائح الاستدعاء التي سوف تشملهم، عند نشوء أيِّ وضع طارئ يحتاج تكليفهم بمهمات أمنية أو عسكرية، وحيث كانوا وما زالوا يشكلون الامتداد الطبيعي والقانوني والوجداني للمؤسسة العسكرية، فلا تستبعد هذه السلطة أن يعود قريباً اليوم الذي تستعين فيه بقدراتهم وبخبراتهم وبإمكانياتهم، والتي تشكل قيمة مضافة للدولة وللوطن وللمؤسسة العسكرية.

 

أكثر هؤلاء المعتصمين اليوم في وسط بيروت يعرفون هذا المكان بكامل ساحاته وشوارعه وزواياه عن ظهر قلب، هنا وقفوا بوجه مخططات الفتنة والتقسيم، اثناء تىنفيذهم آلاف المهمات الامنية بمواجهة موجات التوتر والصدامات والغليان المذهبي الاعمى الرخيص، والتي خلقتها وسبّبتها انقسامات السياسيين – رجال سلطة اليوم – فشكَّل هؤلاء العسكريين (متقاعدي اليوم) بذلك صمام أمان وحدة الوطن والمؤسسات.

 

نقف اليوم في وسط بيروت وعلى مقربة من مقر الحكومة في اجتماعها المفصلي لدراسة موازنة العام 2019، لا لنضغط عليها بل لنساعدها على اتخاذ قرار حماية وحفظ حقوق المتقاعدين العسكريين حماية للدولة ولمصداقيتها، وليس لاتّخاذ القرار الذي يستهدف الدولة والمؤسسات من خلال ضرب مكتسبات وحقوق العسكريين المتقاعدين.

 

نقف اليوم محتجّين رافعين الصوت عالياً، لكي تنهض الدولة من سباتها وتفتح اعينها جيداً، وتنظر الى آلاف المواقع التي تستطيع من خلالها تامين ما تحتاجه من موارد مالية لسد العجز، بدلاً من التطاول على حقوق المتقاعدين العسكريين المحقة، في الطبابة وفي التقديمات الاجتماعية وفي الراتب، والتي هي حقوق الحد الأدنى الكافية لتأمين معيشة كريمة بعيدة عن العوز والفقر.

 

نقف اليوم لنطالب بنقل إدارة ورعاية حقوق المتقاعدين العسكريين من عهدة وزراة المالية الى كنف وزارة الدفاع وقيادة الجيش، لأنّ المؤسسة العسكرية هي التي تستطيع رعاية وحفظ هذه الحقوق، وهي خير من يقدّر تضحيات هؤلاء المتقاعدين، على عكس وزارة المالية التي لا تنظر للمتقاعدين العسكريين الّا ارقاماً وحسابات جامدة وناشفة، فالمتقاعد في وزارة المالية، وفي معظم الدوائر الحكومية ايضاً، يشار اليه برقم مالي فقط، ولا يعدو كونه اكثر من كتلة من الاموال تضاف او تقتطع كل عام، عند إجراء الحسابات المالية السنوية، بينما في وزارة الدفاع وقيادة الجيش، المتقاعد هو تاريخ من العطاء والتضحية ومسيرة طويلة من الخدمات الأمنية والعسكرية، خاضها بتفانٍ وبثقة في أصعب الظروف وأخطرها.