IMLebanon

سياسيون يتولّون التحذيرات بدل حاكم المصرف لماذا يتصدّر المسيحيّون فيلم التعطيل الطويل؟

يضع الأفرقاء السياسيون المسيحيون أنفسهم في واجهة الشلل الذي يصيب المؤسسات الدستورية في لبنان اكانت المسؤولية الأساسية في هذا الشلل تقع عليهم ام هم شركاء فيها وفق الواقع. فازاء عجز مجلس النواب عن الاجتماع في جلسة تشريعية تقر فيها بعض المشاريع الملحة، يرفع فريقان مسيحيان أساسيان شروطاً تتصل بوضع قانون الانتخاب وقانون استعادة الجنسية اللبنانية على جدول الأعمال فيما يدفع فريق ثالث هو حزب الكتائب بعدم جواز انعقاد مجلس النواب في اي جلسة تشريعية قبل انتخاب رئيس الجمهورية. ولكل من الأسباب أو الشروط المعلنة عدد من المؤيدين أو المدافعين عن وجهة النظر التي يرفعها كل من هؤلاء، الا انه في رأي منتقدي هذا الموقف قد يكون هؤلاء باتوا أسرى مواقفهم في حين انه بعد سنة ونصف السنة من الشغور في موقع الرئاسة الأولى، يتعين عليهم جميعها الاقرار بان السياسة التي يعتمدون غير ناجحة. فمن جهة فان الشروط التي يرفعها التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية على أحقيتها ووجاهتها ربما، لا تتمتع بقدرة الاقناع الضروري حتى للمسيحيين أنفسهم بان هذه الشروط هي ما يحتاجون اليه راهناً في ظل التحديات المصيرية والوضع الصعب الذي يواجه اللبنانيين. فأي من الفريقين لا يملك، لا من ضمن التحالف السياسي الذي ينتمي اليه الحد الأدنى من التضامن الذي يمكن ان يدعم السير بهذه المطالب وهذا يسري على قانون الانتخاب المتعذر الاتفاق عليه كلياً أقله راهناً كما ينسحب على موضوع استعادة الجنسية ولا حتى من ضمن الاجماع المسيحي ما يكفل ان تكون هذه الشروط مطلباً اجماعياً وسقفاً لا يمكن القفز فوقه. كما ان اشتراط الكتائب عن حق بأن تتصدر اولوية انتخاب رئيس للجمهورية اي جلسة يمكن ان يعقدها مجلس النواب بات يراوح في الدائرة المقفلة نفسها كما شروط التيار الوطني والقوات اللبنانية. الا ان الاشكالية التي تثيرها هذه المواقف تفيد بانه قد يتعين على هؤلاء الأفرقاء كسر الحلقة المفرغة التي بات يدور فيها البلد والتي قد يستفيد منها أفرقاء سياسيون آخرون محليون أو خارجيون في حين يجري تحميل الأفرقاء المسيحيين ظاهرياً مسؤولية شلل مجلس النواب الذي يجمع الأفرقاء الآخرون على ضرورة اجتماعه من أجل بت مسائل حيوية وأساسية بالنسبة الى البلد، وكذلك مسؤولية شلل مجلس الوزراء تحت ذريعة سقف مرتفع وغير ممكن من أجل تلبية شروط العماد ميشال عون. وليس جيداً ان يكون المسيحيون الذين يعتبرون أنفسهم أساس الكيان في هذا البلد، وهم فعلاً كذلك، بتعطيله أو ان يتحملوا هذه المسؤولية بعد تجربة لأكثر من سنة اظهرت عقم المقاربة التي يتبعون ويعتمدون والحاجة الى ان يبتكروا هم أنفسهم المخارج لذلك أو يساهموا فيها. ويقر أفرقاء كثر بوجوب بذل جهود اكبر من أجل إرضاء المسيحيين واعطائهم الحد الممكن مما يطالبون به في اعتراف غير مباشر بان ثمة الكثير مما هو محق في مطالب البعض منهم بما في ذلك الرغبة التي سادت لدى البعض باعطاء العماد عون ما يمكن ان يكفل عدم تعطيله مجلس الوزراء لولا ان رفض ذلك تبلور من خلال مواقف مسيحية بالذات أكثر من سواها كما يقول هؤلاء. الا ان ذلك لا ينفي في المقابل ان المأزق الذي يعبرون عنه جنبا بالاضافة الى الانعكاسات السلبية المتمثلة في استمرار الشغور في موقع الرئاسة وعجزهم عن فرض مطالبهم كأولوية لا يمكن تجاوزها في مقابل استمرار تعطيل المؤسسات الدستورية ينعكس سلباً على المسيحيين أنفسهم في الدرجة الأولى بعدما أظهروا ان الاستحقاق المسيحي الأول هو رهن حسابات ليست في ايديهم من جهة كما ان تصدرهم واجهة التعطيل ألقت بمسؤولية ما بات يواجهه البلد اقتصادياً ومالياً عليهم في ما بات معروفاً على نطاق واسع بين الأفرقاء الآخرين غير المسيحيين على ان المزايدات بين الزعماء المسيحيين والحسابات الشخصية تساهم في اضاعة الفرص أمام المسيحيين في دور مختلف وأمام البلد أيضاً. في الأيام الأخيرة تولى عدد من السياسيين التنبيه الى خطورة الوضع المالي تحت طائل امكان حصول انهيار مالي واعلان لبنان دولة فاشلة. وكان يمكن وفق مرجعية سياسية ان يتولى حاكم مصرف لبنان التنبيه الى ذلك اثر لقاءاته مع رئيس مجلس النواب أو رئيس الحكومة لولا ان اعلان ذلك من حاكم المصرف يكتسب ابعاداً خطيرة وربما يثير مخاوف لا يرغب المعنيون في اثارتها للانعكاسات السلبية في حين ان تولي السياسيين التنبيه لذلك قد لا يعطي المفعول نفسه لكن من دون جواز التقليل من اهمية ما يتهدد لبنان.

ولا يقتصر التأزم على الشروط المسيحية لتحريك عجلة مجلس النواب ومجلس الوزراء. اذ يجوز بقوة اثارة تساؤلات ازاء مواقف كل الأفرقاء كما في شان ما اعلنه الوزير محمد فنيش مثلاً من “ان قناعتنا ان لا شيء يجب ان يعطل مجلس النواب” ولا يشرح لماذا يجوز في الوقت نفسه تعطيل انتخاب رئيس جديد في حين يتولى أيضاً مع حليفه العوني تعطيل مجلس الوزراء. أو ان يحمل وزير مسؤولية ما يواجه البلد على اللاجئين السوريين فيما لا يحمل الأفرقاء السياسيون أنفسهم مسؤولية تعطيل البلد والعمل على تلبية نسبة صغيرة من مصالح المواطنين لقاء النسب الكبيرة من تحقيق مصالحهم. لكن المسيحيين يتصدرون بطولة فيلم التعطيل الطويل.