وهل المطلوب عرقلة عمل اللجان للحؤول دون التوافق على «المختلط»؟
ليس بريئاً أن يتم استحضار القانون الأرثوذكسي الذي جوبه برفض واسع من شرائح لبنانية متعددة، باعتباره دعوة صريحة لإعادة اللبنانيين إلى أجواء الانقسامات والفتن، على حساب العيش المشترك والوفاق الوطني، من خلال دعوة كل طائفة لانتخاب نوابها، وهو ما أعاد رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون تذكير اللبنانيين به قبل يومين، في مقالة نادرة له، متناسياً أن قسماً كبيراً من اللبنانيين على اختلاف طوائفهم وتياراتهم السياسية، أعلنوا وقوفهم ضد هذا القانون الطائفي والمذهبي، فيما يصر البعض على السير عكس التيار والترويج لأفكار هدامة، في الوقت الذي تركز اللجان النيابية عملها على إنجاز قانون انتخابات عصري قائم على الأكثري والنسبي والذي يعرف بـ«المختلط».
وقد تساءلت أوساط سياسية بارزة في قوى «14 آذار» عبر «اللواء»، عن الأسباب التي دفعت النائب عون إلى إعادة طرح «الأرثوذكسي» مجدداً، في الوقت الذي تتركز الجهود من جانب رئيس مجلس النواب نبيه بري والكتل النيابية، للتوافق على القانون العتيد الذي يؤمن أفضل تمثيل وطني وسليم للبنانيين، فهل أن النائب عون الذي يعلم تماماً أن هذا القانون محكوم عليه بالموت، يريد اختلاق أزمة جديدة بين اللبنانيين، ويفتح الأبواب أمام شد حبال جديد على خلفية الموقف من قانون الانتخابات، وهذا بالتأكيد سيضع عقبات إضافية على طريق الجهود المبذولة للتوافق على قانون الانتخابات، ما قد يفسح في المجال أمام إعادة إحياء قانون الدوحة الذي هدد الرئيس بري به في حال استمر الخلاف حول قانون الانتخابات.
وأشارت الأوساط إلى أن دفع «الأرثوذكسي» إلى الواجهة من جديد، محاولة واضحة وصريحة، للحؤول دون التوافق على قانون الانتخابات النيابية ولقطع الطريق على أي تفاهم محتمل على القانون المختلط الذي حصرت اللجان النيابية النقاش به في جلستها المقبلة، بعدما تبين للمكونات النيابية صعوبة السير بالنسبية الكاملة، لوجود أطراف معارضة وبشدة لها، وفي الوقت نفسه استحالة السير بالأرثوذكسي، سيما وأن قوى مسيحية وازنة اعترضت عليه وأعلنت رفضها له، لأنه مشروع حرب جديدة كما وصفته، سيعيد المسيحيين عقوداً إلى الوراء، ومعتبرة أنه إذا كان النائب عون يريد فعلاً تسهيل عمل اللجان المشتركة، فما عليه إلا الإقلاع عن هذه الأفكار المدمرة وسلوك طريق التوافق التي تسمح لمجلس النواب بإقرار قانون متوازن للانتخابات يحظى بالغطاء الوطني المطلوب الذي يفسح في المجال أمام إجراء انتخابات نيابية نزيهة، لإعادة تجديد السلطة بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية وملء الشغور القائم منذ ما يقارب السنتين.
وأكدت الأوساط أن هناك جبهة نيابية عريضة ستواجه أي محاولة من جانب النائب عون أو غيره، لإعادة بعث الاقتراح الأرثوذكسي، إلا إذا كان الهدف من وراء مثل هكذا محاولات، تعطيل عمل اللجان المشتركة، للدفع باتجاه استحضار قانون الدوحة الذي، ورغم الأصوات الرافضة له في العلن، لا يزال يحظى بتأييد قوى سياسية لا يزعجها العودة إليه، إذا ما أخفقت في إقرار القانون الذي يلبي مصالحها، سيما وأن المؤشرات لا تشجع كثيراً على توقع إنجاز قانون جديد للانتخابات، في ظل استمرار المواقف على حالها وغياب المعطيات التي تسمح بإمكانية حصول تقارب بين الكتل على القانون، وهذا من شأنه أن يمهد الطريق بإعادة الاعتبار لقانون الدوحة في الانتخابات المقبلة، بعد تأكيد الرئيس بري أن لا تمديد للمجلس النيابي، مع أنه ما تزال هناك سنة لانتهاء الولاية الممددة الثانية للمجلس.