حتى الساعة لم يحصل اي اختراق او تطور في الملف الرئاسي الذي دخل مرحلة الجمود منذ اعلان معراب الذي سبب زوبعة سياسية ترددت اصداؤها بضعة ايام قبل ان تهدأ بالكامل لتدور مناوشات بالتقسيط بين الفريقين المتنازعين والمتخاصمين على ترشيح ميشال عون وسليمان فرنجية، فمن المراوحة بعدم تقدم اي فريق بدعم ترشيح عون بعد المصالحة المسيحية الى المراوحة لدى الحريري بعد تسمية سليمان فرنجية رداً على معراب، فان الموضوع الرئاسي دخل مرحلة الملل القاتل والانتظار بحسب مصادر متابعة، بحصول تطور ما يعيد تحريك هذا الملف. واذا كان الواضح ان ما يعرقل انتخاب ميشال عون يكمن بالعوامل التالية، أولاً موقف تيار المستقبل واصراره وتمسكه بترشيح سليمان فرنجية واستمرار المستقبل بوضع الفيتو على ترشيح عون، وموقف وليد جنبلاط بترشيحه هنري حلو والرمادية التي يتموضع فيها فلا يبدو مؤيداً للرابية ولا يميل كما في السابق لسليمان فرنجية لتلمس مجريات ومسار الاستحقاق اقليمياً، وعدم حماسة نبيه بري لترشيح حليف حليفه حتى لا يقال ان بري غير مؤيد لخيار عون بل يميل الى فرنجية كما يردد في مجالسه الخاصة، اضافة الى عدم صدور الموقف الاخير من حزب الله بعد اعلان معراب وان كان الحزب اكد انه ملتزم اخلاقياً بميشال عون ولا حاجة لتكرار اللازمة نفسها.
ولكن مع الحشر الذي يواجهه ترشيح عون رغم اعلان معراب الذي اعطى دفعاً قوياً للاستحقاق ولكنه لا يزال شيكاً من دون رصيد يصعب صرفه في اي من بنوك ومصارف الاستحقاق بعد، فان الحريري تضيف المصادر، الذي اصيب بصدمة اعلان معراب وكان اكثر المتشظين من مصالحة عون وجعجع كونه خسر حليفه المسيحي الاقوى في 14 آذار، الا ان الحريري لا يزال يترنح في خطوة تسمية سليمان فرنجية واعلانها رسمياً وهو كان السباق في تغيير المعادلات الرئاسية بعد لقاء باريس الذي خربط الوضع الداخلي وغيّر التحالفات ومسار الاستحقاق الرئاسي بعدما اخترع الحريري بدعة ترشيح مرشح من فريق من 8 آذار الامر الذي سبب عاصفة سياسية ومسلسل لم يتوقف عرضه وردود الفعل عليه بين 8 ولدى فريق 14 آذار. واذا كان اهم اسباب عدم الاعلان الرسمي بعد لفرنجية من قبل الحريري سببه ان زعيم المستقبل ينتظر ردوداً ومواقف من 8 آذار التي تعيش اسوأ لحظات التجاذب ومشاعر الاحراج والالتباس بين مرشحيها القويين في الرابية وبنشعي، فان الحريري يعيش التردد نفسه وبقوة اكثر لان ترشيح فرنجية دونه ايضاً عقبات كثيرة لدى فريق 14 آذار، ولعل الرسالة الاوضح اتت من وزير العدل اشرف ريفي في ذكرى استشهاد الرائد وسام عيد بما لها من رمزية لدى جمهور 14 آذار بان هذ الفريق يرفض ترشيح احداً من 8 آذار، وبمعنى اوضح فان ريفي عبر عما لا يقوله الكثير داخل تيار المستقبل بل ثمة رفض مستقبلي ومن فريق 14 آذار لترشيح شخصية قريبة من النظام السوري وايران، وبان مكوناً اساسياً لدى هذا الفريق لا يهضم هذا الترشيح.
واذا كان تصعيد ريفي مبدئي وفق المصادر على اعتبار ان وزير العدل لا يمكن ان يتنكر لجزء من جمهوره وتصعيده ضد 8 آذار لاستقطاب الشارع السني وجمعه، فان الواضح ان لدى المستقبل وقيادته الباريسية نظرية مغايرة تعتبر ترشيح فرنجية مستحيل ومعقد ولكنه افضل الممكن حالياً، فالمستقبل لا يمكن ان يسير بترشيح عون والنقاش بينه وبين الرابية متوقف نهائيا ولا يمكن العودة اليه وبالتالي فان سليمان فرنجية افضل المرشحين من فريق طالما ان لا قدرة على فريق 14 آذار اليوم بتسمية رئيس وسطي وبالتالي فان التطورات الاقليمية والدولية ليست لمصلحة 14 آذار في الملف الرئاسي، وبالتالي فان الحريري الذي يشعر بتراجع حضوره وشعبيته داخلياً وجد ان العودة الى الحكومة تناسبه اليوم بعد الغياب عن جمهوره وقبل ان تتدهور الاوضاع والاحداث اكثر لغير مصلحة فريق 14 آذار خصوصاً وان الغياب افقد الحريري اوراقاً كثيرة في الداخل. وعلى ما يبدو فان الحريري كما تقول المصادر ليس راضياً بالمطلق على اعتراضات قيادات المستقبل التي تسعى الى التمايز وتسجيل مواقف جماهيرية فالمرحلة بتقديره اقوى من العواطف والامور في الداخل بدأت تنفلت من قبضة المستقبل وبالتالي فان مبادرته باتجاه فرنجية جاءت في محلها الصحيح خصوصاً اذا ما كتب لها النجاح في تقديرات المستقبل وهي بالتالي ستكون خطوة انقاذية لوضع الحريري نفسه والمستقبل خصوصاً ان الدفة الاقليمية ليست لمصلحة المستقبل وحلفائه، ويرى الحريري وفق المصادر انه استطاع ان يحقق عدة مكاسب رغم اعتراضات فريقه، ويعتبر انه اصاب الحلفاء في 8 آذار بالتخبط والتشرذم والضياع بين خيارين، ويراهن ان جلسة 8 شباط لن تنتج رئيساً وانه حصل بعد اعلان معراب على حلف رباعي جديد للاستحقاق الرئاسي وقوامه الحريري وفرنجية وبري وجنبلاط.