“أميركا تحاول إزاحة “حزب الله” من لبنان لمصلحة إسرائيل، لكنّ الحزب يصبح أقوى كل يوم، وبات يَد لبنان وعينه”. كلام موقّع باسم المرشد الأعلى للثورة الايرانية علي خامنئي.
موقف ليس بجديد لأحد أكبر أركان النظام في إيران، خصوصاً أنّ كثيرين يتهمون “حزب الله” بأنه يحكم لبنان، في السياسة الخارجية، في قرار الحرب والسلم، في الأمن، في تشكيل الحكومات، وفي الهيمنة على مرافق الدولة ومؤسساتها، وفي رسم السياسة الداخلية. لكن ما الجديد في توقيت كلام خامنئي؟
يضع العميد الركن فادي داود كلام خامنئي هذا في إطار “التصعيد العملاني الذي تشهده المنطقة”، ويقول لـ”الجمهورية”: “لفَهم هذا التصعيد بنحو وافٍ، يجب قراءة الضربة الايرانية التي نفّذت ضد قاعدة “عين الأسد”، وهي من أهم القواعد العسكرية في المنطقة، وتضم تقنيات رصد متطورة جداً، تقوم بمقاطعة المعلومات التي تجمعها ميدانياً مع تلك التي تُجمع بواسطة الأقمار الصناعية”. ويضيف: “مصادر ايران تتحدث عن سقوط نحو 80 قتيلاً أميركياً فيما التركيبة الأميركية لا تتحمّل جريحاً واحداً، خصوصاً في هذه المرحلة، على رغم من انّ الخطوة الايرانية جريئة، وشكلت تحدياً للأميركيين، إلّا أنّ العنصر الأساسي يدور حول مسألة الاصابات البشرية، إذ يمكن قياس فعالية الضربة استناداً الى هذا المعيار، فإذا لم يكن هناك من قتلى وإصابات بشرية، فيجب أن يُطرح السؤال: لماذا؟”.
وإذ يشير داود إلى انّ “أميركا، التي صنّفت “حزب الله” ارهابياً، تسعى دائماً لإزاحته من لبنان”، يرى في الوقت نفسه “أنّ كلام خامنئي رسالة الى كل المعنيين، بتثبيت نصرالله الرجل الاول لإيران بعد سليماني، بدليل انه عادة ما يتحدث عن استراتيجيات وسياسات الداخل اللبناني، بينما في خطابه الأخير تَركَّز حديثه على مستوى الاقليم وحَدّد الأهداف وميدان المواجهة. مع الاشارة إلى انّ نجاحات “الثورة الاسلامية” وتصديرها تمّ عبر “فيلق القدس” و”حزب الله”، وهما الجناحان الأكبران لهذه الثورة”.
من جهته، يقول النائب السابق فارس سعيد لـ”الجمهورية”: “إنّ كلام خامنئي منتظر، والأوضاع في المنطقة تسير في اتجاهين: الأول، المواجهة الأميركية الايرانية، حيث سيكون “حزب الله” في دائرة “خطر المواجهة”. والثاني، المفاوضات الأميركية ـ الايرانية، وقد يكون “حزب الله” في دائرة “خطر المفاوضة”. وبالتالي، هناك خوف في داخل الحزب من أن تتم المفاوضات على حساب النفوذ الذي يتمتع به في لبنان، وأن تتم المفاوضة على رأسه”.
في الموازاة، يقول سعيد: “جاءت زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لسوريا، والطلب من الرئيس السوري بشار الأسد عدم إقحام نفسه في عملية الرد على الولايات المتحدة لكي لا تأتي واشنطن وتطيح الاستثمار الروسي في سوريا، وموضوع “حزب الله” في هذا الاتجاه”.
ويرى سعيد انّ “مقتل قاسم سليماني هو الاشارة السياسية الكبرى لعودة إيران الى داخل حدودها الجغرافية، والخطر سيكون على الأذرع الايرانية أكثر مما هو على النظام الايراني”. ويشير الى “أنّ خامنئي يحاول طمأنة “حزب الله” الى أنّ إيران لن تتركه في أي خيار قد تتّخذه”. ويضيف: “هو كلام يؤمّن غطاء للحزب، من جهة، لكنه مقلق في الوقت نفسه، لأنّ الحزب ليس المقرر في هذه المعركة الكبرى، بل انّ المقرر هو الجانب الايراني، والجانب الأميركي، فيما لا خيار للحزب إلّا تنفيذ ما تطلبه ايران، خصوصاً انّ الإمرة على سلاحه إيرانية، ولا هامش له في أن يقرّر، ولا حدود فاصلة بينه وبين ايران”.