Site icon IMLebanon

لماذا بَكّر نصر الله موعد إطلالته التلفزيونية 24 ساعة؟

 

في قاعةٍ واسعة قرب طريق المطار انتظم نحو ألف من مسؤولي قطاعات سرايا المقاومة التابعة لـ»حزب الله: في كلّ لبنان، لحضور لقاء مباشر مع الأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله، وذلك عبر الشاشة العملاقة. تمّ إبلاغ الجميع بوجوب الحضور باللباس العسكري. وفي مستهلّ لقائه بهم وحديثه إليهم الذي دام اكثرَ من ساعتين، أكّد نصرالله أن لا علاقة لهذا اللقاء بحدثِ استقالة الحريري الذي وقعَ قبل ساعات من موعد انعقاده. وبدا للحاضرين من خلال الكلمات المقتضَبة التي خصّصها نصر الله للحديث عن هذا الأمر، أنّه تفاجَأ باستقالة الحريري، وأنّه لم يكن حتى يتوقّعها. وعلّقَ عليها بكلمات مقتضَبة، معتبراً أنّها تُعبّر «عن التطيّر (الجنون) السعودي الناتج عن خساراتها في كلّ المنطقة»، ثمّ تساءَل من باب المداعَبة عمّا إذا كان لقاء الحريري بولايتي جعَله يَدفع ثمنَ ذلك عند السعودية؟.

غير أنّ نصر الله كشَف للحاضرين بأنّه سيطلّ يوم الاثنين أو الثلاثاء على التلفزيون ليعلنَ للرأي العام رؤية «حزب الله» لاستقالة الحريري. وأوحى هذا الموعد المتأخّر نسبياً، بأنّ السيد يحتاج لبعض الوقت لإجراء دراسة للموقف وتقدير سياسي له.

ولكن بعد ساعات قليلة من انفضاض لقائه بمسؤولي سرايا المقاومة عاد نصرالله وقرّر تبكيرَ موعد إطلالته الإعلامية المخصصة لموضوع استقالة الحريري، من يوم الاثنين إلى مساء الأحد (أمس).

الواضح أنّ نصرالله وجد أنه يجب مواكبة هذا التطوّر برَدّ الفعل السياسي السريع عليه، وعلى نحو يراعي ضرورةَ أن يقوم الحزب بإثبات حضورِه فوق ساحةِ تَسارُعِ التفاعلاتِ السياسية الناتجة عنه، لجهة شرحِ خلفياته وتداعياته، خاصةً بعدما لفتَ الحزب إلى أنّ وزير شؤون الخليج السعودي ثامر السبهان، أطلّ في نفس ليلة وقوع حدثِ استقالة الحريري على غير شاشة تلفزيونية لبنانية، ليعلّقَ على حدثِ استقالة الحريري، وليبيّنَ طبيعة الرسائل التي تريد الرياض تطييرَها لإيران وللحزب ولبنان من ورائه.

رسالة نصرالله الأساسية التي أراد توجيهَها لمسؤولي سرايا المقاومة كانت ترمي لشدِّ عضدِ هذا التنظيم العسكري الذي انشأه الحزب قبل أكثر من عقدٍ ليكون جسماً عسكرياً رديفاً للمقاومة الإسلامية، ولكن من خارج جسدِها. ومنذ إنشائها حتى الآن تَعاظمَ عديد عناصر سرايا المقاومة ليصلَ إلى أكثر من 10 آلاف مقاتل معظمُهم ليسوا من الطائفة الشيعية، وحصّة الأسد بينهم هي من الطائفة السنّية.

قال لهم نصر الله «ستتعرّضون خلال الفترة المقبلة للتجريح بكم وبدوركم، ولكن أنا أقول لكم إنّكم مسؤوليتي، ولكم عندي منزلة ولدي هادي (إبنه الذي استشهد خلال عملية عسكرية ضد الاحتلال الإسرائيلي)».

ويشير لقاء نصر الله بمسؤولي السرايا وتعهّدُه لهم بأنّها مسؤوليته الشخصية، إلى أنّ استقرار الداخل اللبناني لم يعُد بخير أو أقلّه هو مشوبٌ بالقلق، وأيضاً أنّ نظرية استبعاد الحرب الإسرائيلية أو الخارجية على الحزب لم تعُد كلّية أو أقلّه لم يعد يمكن الركون إليها على نحوٍ كبير.

أسهبَ نصرالله بالحديث عن الوضع الإقليمي ليؤشّر إلى أنّ محور الحزب قويّ جدّاً فوق خريطة المعادلة الإقليمية وفي صراعاتها، وعَد بأنّه قريباً سيكون الجيش السوري وحلفاؤه بالوكمال آخِر معاقل «داعش» في سوريا، وأنّ ما يَحدث في العراق يَصبّ أيضاً في مصلحة محور المقاومة.

نصرالله في كلامه مع مسؤولي السرايا الذين ارتدوا ثيابَهم العسكرية بدا أنّه يُعلن اطمئنانَه لموقعِ محوره في المنطقة، وثقتَه بأنّ الهجمة الاميركية الجديدة تلقّت أوّلَ هزيمة لها في كردستان العراق حتى قبل أن تبدأ هجمتها التصعيدية التي يهدّد بها ترامب.

أمّا عن الداخل، فبدا أنّه يُمسك المسطرةَ مِن وسطها الأقربِ لتوقّعِ حدوثِ تصعيدٍ داخلي، أو بكلامٍ أدقّ، الأقرب للتحسّبِ مِن فترة جديدة سيتمّ فيها دفنُ مرحلةِ الهدناتِ السابقة بين اللونَين الأزرق والأصفر، ودخول لبنان لحظةً باتَ فيها النزاع الإقليمي أبعدَ مِن «ربط النزاع».