يواصل الرئيس سعد الحريري مفاجآته السياسية، فإلى جانب دعمه لخصمه السابق سليمان فرنجية للرئاسة، تحول هذا الاخير بسحر ساحر الى «حليف يتمسّك به زعيم «المستقبل» اكثر من أي وقت مضى» كما قال، ليتقرّب اليوم من آل سكاف في زحلة من خلال أرملة الوزير السابق الياس سكاف، الذي اسقطه الحريري نيابياً في الانتخابات الاخيرة، بعد تحالف مع الكتائب والقوات اللبنانية والوزير نقولا فتوش. لكن ما حصل يوم الجمعة الماضي شكل صدمة للحلفاء والخصوم معاً، بعد تلبية الحريري دعوة رئيسة «الكتلة الشعبية» ميريام سكاف لغداء اقامته على شرفه في عاصمة الكثلكة، بعد خصومة سياسية استمرت عدة سنوات.
وكانت ملامح هذا الانفتاح قد بدأت بعد مشاركة سكاف في ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري في «البيال»، حيث جلست في الصف الأمامي كوجه سياسي بارز، ثم استتبعت بزيارة الى بيت الوسط لنقل دعوة رسمية الى غداء زحلة، فبدت مؤشرات التقارب بين الطرفين بهدف الابواب المغلقة مع آل الحريري وكأن شيئاً لم يكن.
الى ذلك نتج من زيارة الحريري الى زحلة طعم مختلف على حدّ قول مصادر من الطرفين، فهو استهلها فجأة بزيارة مسجد الإمام علي بن أبي طالب في سعدنايل، للمشاركة في الصلاة التي أمّها مفتي زحلة والبقاع الغربي الشيخ خليل الميس، الذي بدوره وجّه دعوة اليه لتفقد زحلة والجوار، وكانت مناسبة للقاء المناصرين في سعدنايل، البلدة البقاعية التي تؤيده بقوة، تبعتها زيارة عضو كتلة الكتائب النائب ايلي ماروني، ثم تلبية دعوة السيدة سكاف الى الغداء في اوتيل «القادري».
وسألت مصادر سياسية مراقبة لماذا لم يبدأ الحريري الزيارة بلقاء مطران الروم الكاثوليك في المدينة عصام درويش، واعتبرت هذا التصرف خطأ كبيراً، لان زحلة عاصمة الكثلكة في الشرق، وزيارة مطرانها واجب، وكل هذا اعطى انطباعاً وكأن الحريري يدعم ميريام سكاف في عدائها للمطران درويش، وبالتالي فهذا التصرّف سيوّلد مشاكل بينه والاخير.
وعلّقت المصادر ايضاً على كلمة الحريري خلال الغداء وقوله:» الله يسامح من كان السبب في حصول الخلاف مع آل سكاف»، معتبرة انه غير واضح المعالم، وسألت:» هل قصد بذلك العماد ميشال عون ام الدكتور سمير جعجع؟، وهل اراد إطلاق النيران السياسة على احد منهما؟.
اما بخصوص زيارته الى النائب القواتي طوني ابو خاطر، فأشارت الى ان زعيم «المستقبل» اراد إرضاءه بعد حصول إشكال بروتوكولي معه، خلال حضوره احتفال «البيال» وجلوسه في الصف الثاني، مع انه رئيس كتلة نواب زحلة، فيما سكاف جلست في الصف الامامي.
ورأت المصادر عينها أن ما جرى في زحلة ليس سوى تحالف جديد ضد اتفاق عون – جعجع، خصوصاً بعد قول الحريري لسكاف : «عندما بدأت العمل السياسي عام 2005، لم أكن أعرف ما أعرفه اليوم، وما كنا اختلفنا بالسياسة، ونحن وإياكم واحد». وسألت: «هل قرر التحالف نهائياً مع «الكتلة الشعبية»؟، ومن رتّب هذه الزيارة ومن هو مهندسها؟، وهل كانت المبادرة شخصية من سكاف؟، ولماذا تمّت بهذه السرعة؟، خصوصاً ان هناك مشكلة بين آل الحريري والراحل الياس سكاف، حين طلب الاخير قبل سنوات مساعدته في اعادة تقسيط الديون المترتبة عليه، لدى مصرف تابع للحريري، لكن طلبه رُفض حينها.
وتابعت: «ما الذي حصل اليوم؟ ، ومن هو هذا الوسيط الذي استطاع ان ينظم هذه العلاقة المستجدة؟، وما هي حسابات الحريري المستقبلية في هذا الاطار؟
وابدت المصادر تخوفها من ان يكون الحريري قد انقلب سياسياً، بعد خلطه كل هذه الاوراق، خصوصاً على صعيد الانتخابات النيابية، لافتة الى ان مناصري فريق 14 آذار لم يكونوا مرتاحين لهذه الزيارة، التي ستنتج منها بالتأكيد سياسة جديدة ستظهر ملامحها لاحقاً كنوع من «التكويعة» الخاسرة امام تحالف عون – جعجع، ونقلت عن معظم اهالي زحلة رفضهم أن تتزعمهم سيّدة مارونية من بشري، وتمثل طائفة الروم الكاثوليك في المدينة وتعادي مطرانهم.