IMLebanon

لماذا توقّفت الحرب… ومتى تنطلق المرحلة الثالثة؟

تجري رياحُ المعركة بما تشتهي مدافعُ الجيش وطائراتُه وقواتُه الجوّية، في حين أنّ قوّة الإرهابيّين تتقهقر، وتتراجع الى المراكز الخلفيّة.

يستمرّ الجيش في مطاردته إرهابيّي «داعش» في المغاور والتلال، في معركة تُعتبر مصيريّةً بالنسبة إليه وإلى لبنان. وفي اليوم الثالث من المعركة، هدأت المدافع قليلاً وسط قصف متقطّع لبعض المواقع الظاهرة للإرهابيين. وقد غاب المؤتمر الصحافي اليومي لمديريّة التوجيه أمس، في وقت ظنّ البعض أنّ همّة الجيش قد خفّت وأنه يفسح المجال للتسوية والتفاوض.

لكنّ الحقيقة مغايرة لما يتمّ تداولُه، إذ يكشف مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» تفاصيل ما حصل في اليوم الثالث للمعركة، وما سيحصل لاحقاً من تطورات.

لم يَشهد أمس عمليات هجوميّة للجيش اللبناني أو تقدّماً يُذكر، فبعد إستعادته نحو 80 كيلومتراً مربّعاً من الأراضي المحتلّة من «داعش»، تعمل فرق الهندسة في الجيش على تفكيك الألغام المزروعة، وقد إنكشف للجيش أنّ غالبية الطرق مزروعة ألغاماً بكثافة، منها ألغام متطوّرة مضادة للبشر والآليات، ما يطرح علاماتِ إستفهام عن الجهّة التي زوّدت تنظيماً إرهابياً مثل «داعش» بهذا السلاح الفتّاك.

من جهة اخرى، إنصرفت فرق الجيش لتشييد الدشم وتثبيت نقاط جديدة على الأرض وفي التلال من أجل التحضير للمرحلة الثالثة من المعركة، حيث ستعتمد على الهجوم البرّي الواسع النطاق من نواحٍ عدّة، إضافة الى الغطاء الناري بالمدفعية والطيران، علماً أنّ أوّل يومين من المعركة كشفا مدى فعالية الطيران في أرض المعركة، علماً أنّ لبنان كان يفتقد هذا السلاح، وهذه هي الحرب الأولى التي يخوضها معتمداً على القوّة الجوّية والبرّية في آن معاً.

ونتيجة كل هذه العوامل، غاب المؤتمر الصحافي لشرح العمليات العسكرية، واستُعيض عنه ببيانات لقيادة الجيش.

أسفرت المرحلةُ الأولى والثانيةُ عن تحرير 80 كيلومتراً مربعاً، وبقي 40، لذلك، تؤكّد قيادة الجيش أنها ماضية حتّى النهاية في إستكمال القضاء على «داعش»، والجيش لن يبخلَ في تقديم التضحيات لإراحة لبنان من هذا الخطر الذي كان في خاصرته.

وفي معلومات «الجمهورية» أنّ المرحلة الثالثة، تتضمّن هجومَ الجيش على مراكز «داعش» الكبيرة والأخيرة، وهذه المراكز موجودة في مناطق وادي الشاحوط، سراج حقاب الشير، وادي مرطبيا، مراح الدوّار، الدكانة، مراح الكفّ، راس الكفّ، مراح درب العرب، تلة خلف، شعبات الكفّ الغربية، والقراني. وتُعتبر هذه المراكز قريبة من الحدود السورية، حيث تسيطر «داعش» على نحو 40 كيلومتراً مربعاً، وقدّ وضعت قيادة الجيش خطّةً خاصة من أجل القضاء عليها وتحرير ما تبقّى من أراضٍ محتلة.

ومع إنطلاق المعركة، كانت التقديرات تشير الى أنّ أعداد عناصر «داعش» تقارب 600 مقاتل، لكن بعد حرب اليومين، لم يعد بإمكان الجيش تحديد العدد الدقيق للإرهابيّين، خصوصاً أنّ كثراً منهم قد فرّوا الى الجهة السورية المقابلة، ومنهم مَن أصبح في الداخل السوري، وعدد كبير قد قتل، في حين أنّ الجيش شتّتهم، فانهارت مراكزُهم بسرعة، وسط تأكيدات قيادة الجيش أنّ المرحلة الثالثة من المعركة ستنطلق بعد الإنتهاء من تنظيف الألغام أمام آلياته، بينما لن يتوقّف القصف المدفعي والجوّي على المواقع.

وفي هذه الأثناء، يعلم الجيش أهميّة الحرب الإعلامية التي ترافق الحربَ العسكرية، ودحض الشائعات التي يحاول البعض فبركتها للتشويش على العملية العسكرية، وقد ظهر ذلك جلياً من خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده مدير التوجيه في الجيش العميد علي قانصو صباح السبت لإطلاع الرأي العام على مجريات الأحداث، واستمرار قانصو على رأس المديرية في وضع اللبنانيين في صورةِ ما يحدث لحظةً بلحظة، وقيادة الحرب الإعلامية التي تكشف خفايا ما يحصل في الجرود، في حين أكّد الكثير من المراقبين أنّ هذا الأداء الجديد في الإعلام الذي تميّز به مدير التوجيه جعَل اللبنانيّين يتفاعلون أكثر مع جنودهم الذين يواجهون «داعش».

على رغم العوائق التي تواجهه في الجرود، فإنّ الجيش يؤكد أنه سيستكمل معركته، ويرفض السماح بخروج الإرهابيين، بل يريد معرفة مصير العسكريين المخطوفين، إذ إنه يعتبر قضيّتهم قضيةً مقدّسة.